للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَكَى أَبُو سُفْيَانَ فِي تَعَجُّبٍ (١) ... وَقَالَهَا فِي خَجَلِ الْحَيَاءِ

مَا لِرِجَالِهِمْ نَظِيرُ قُوَّةٍ ... فَإِنَّهُمْ أُسُودُ فِي الْهَيْجَاءِ

مَاتَ أَبُو لَهَبِ مِنْ تَحَسُّرٍ ... إلَى الْجَحِيمِ دُونَمَا عَزَاءِ

دَفَعَهُ الْأَبْنَاءُ فِي تَخَوُّفٍ ... بِالْعُودِ كَالْجِيفَةِ فِي ازْدِرَاءِ

لَمْ يَصْبِرِ الْأَسْوَدُ فِي مُصَابِهِ (٢) ... مَنَعَهُ الْقَوْمُ مِنَ الْبُكَاءِ

سَمِعَ صَوْتَ امْرَأَةٍ نَائِحَةٍ ... وَأَشْجَنَ الْقَوْمَ جَوَى الرَّثَاءِ

فَإِنَّمَا تَبْكِي عَلَى بَعِيرِهَا ... فَازْدَادَ حُزْنُهُ مَعَ الْعَنَاءِ

رُقَيَّةُ الطُّهْرِ أَتَلْقَى رَبَّهَا؟ ... فَنِعْمَ دَارُ الْخُلْدِ وَالْجَزَاءِ

وَالنَّضْرُ قَدْ مَاتَ عَلَى جَهَالَةٍ (٣) ... مَاذَا جَنَى مِنْ عَبَثِ الْإِغْوَاءِ؟

وَعُقْبَةُ الشَّرِ أَيَلْقَى حَتْفَهُ؟ (٤) ... فَبِئْسَ كُلُّ قَادَةِ الْإِيذَاءِ

وَقَسَّمَ الْحَبِيبُ فِي سَمَاحَةٍ ... غَنَائِمَ الْحَرْبِ بِلَا إِرْجَاءِ

لَكِنَّهُ أَخَذَ مِنْهُمْ فِدْيَةً ... فَتِلْكَ رَحْمَةٌ مَعَ الْأَعْدَاءِ

قَدْ عَاتَبَ الْقُرْآنُ فِي آيَاتِهِ ... مُحَمَّدًا فِي ذَلِكَ الْفِدَاءِ (٥)

وَشُرِعَ الصَّوْمُ لَنَا فَرِيضَةً ... مَعَ الزَّكَاةِ مَنْبَعِ الرَّخَاءِ

يَا مَعْشَرَ الْإِسْلَامِ هَذَا عِيدُنَا ... أَجْمِلْ بِهَا شَرِيعَةُ النَّقَاءِ!


(١) أبُو سُفْيَان بن الحَارِث بن عبد المُطَّلِب.
(٢) الأسْوَدُ بن عبد المطَّلِب أُصِيبَ ثلاثة من أبنائه يوم بدر وأَحَبَّ أنْ يبكي عليهم وكان ضَرِيرًا، وقد مَنَعَتْ قريش البُكَاءَ عَلَى قَتْلَاها.
(٣) النَّضْرُ بن الحَارِثِ كَانَ يَصُدُّ النَّاسَ عَنْ سَبِيلِ الله وأشدُّ كَيْدًا للإسْلام.
(٤) عُقْبَةُ بن أبي مُعَيْط خَنَقَ النَّبِيَّ (صلَّى الله عليه وسلَّم) بردائه وكادَ يقتله. انظر الرَّحيق المختوم ص ٢٠٩.
(٥) أراد عُمَرُ قتلَ صَنَادِيد الكُفَّارِ، لكن سمع النَّبِيُّ (- صلى الله عليه وسلم -) لرأي أبي بكر فِي أخذ الْفِدْيَةِ فنزل القُرْآنُ مُؤَيِّدًا رَأْيَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّاب. انظر تاريخ عمر بن الخَطَّاب لابن الجوزي ص ٣٦.

<<  <   >  >>