الْمَعْنى تغاير فَالْوَصِيَّة للأعلى بِمَعْنى المجازاة وشكرا للنعم وللأسفل للزِّيَادَة فِي الإنعام والترحم عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَظِم اللَّفْظ الْمَعْنيين جَمِيعًا للمغايرة بَينهمَا فَبَقيَ الْمُوصى لَهُ مَجْهُولا
وَلَو حلف لَا يكلم موَالِيه يتَنَاوَل يَمِينه الْأَعْلَى والأسفل جَمِيعًا بِاعْتِبَار أَن الْمَعْنى الَّذِي دَعَاهُ إِلَى الْيَمين غير مُخْتَلف فِي الْأَعْلَى والأسفل فلإيجاد الْمَعْنى لَا يتَحَقَّق فِيهِ الِاشْتِرَاك بل اللَّفْظ فِي هَذَا الحكم بِمَنْزِلَة الْعَام فَإِن اسْم الشَّيْء يتَنَاوَل الموجودات كلهَا بِاعْتِبَار معنى وَاحِد وَهُوَ صفة الْوُجُود فَكَانَ منتظما للْكُلّ والمشترك احْتِمَاله الْجمع من الْأَشْيَاء بِاعْتِبَار معَان مُخْتَلفَة فَعرفنَا بِهِ أَن المُرَاد وَاحِد مِنْهَا فاسم الْمولى إِذا اسْتَعْملهُ فِيمَا يخْتَلف فِيهِ الْمَعْنى وَالْمَقْصُود كَانَ مُشْتَركا وَفِيمَا لَا يخْتَلف فِيهِ الْمَعْنى كَانَ بِمَنْزِلَة الْعَام
وَأما المؤول فَهُوَ تبين بعض مَا يحْتَمل الْمُشْتَرك بغالب الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد وَمن قَوْلك آل يؤول أَي رَجَعَ وأوليته بِكَذَا إِذا رجعته وصرفته إِلَيْهِ ومآل هَذَا الْأَمر كَذَا أَي تصير عاقبته إِلَيْهِ فالمؤول مَا تصير إِلَيْهِ عَاقِبَة المُرَاد بالمشترك بِوَاسِطَة الْأَمر قَالَ تَعَالَى {هَل ينظرُونَ إِلَّا تَأْوِيله} أَي عاقبته وَمَا يؤول إِلَيْهِ الْأَمر وَهُوَ خلاف الْمُجْمل فَالْمُرَاد بالمجمل إِنَّمَا يعرف بِبَيَان من الْمُجْمل وَذَلِكَ الْبَيَان يكون تَفْسِيرا يعلم بِهِ المُرَاد بِلَا شُبْهَة مَأْخُوذ من قَوْلك أَسْفر الصُّبْح إِذا أَضَاء وَظهر ظهورا منتشرا وأسفرت الْمَرْأَة عَن وَجههَا أَي كشفت وَجههَا وَهَذَا اللَّفْظ مقلوب من التَّفْسِير فَالْمَعْنى فيهمَا وَاحِد وَهُوَ الانكشاف والظهور على وَجه لَا شُبْهَة فِيهِ وَمِنْه قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من فسر الْقُرْآن بِرَأْيهِ فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار يَعْنِي قطع القَوْل بِأَن المُرَاد هَذَا بِرَأْيهِ فَإِن من فعل ذَلِك فَكَأَنَّهُ نصب نَفسه صَاحب الْوَحْي فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار وَبِهَذَا تبين خطأ الْمُعْتَزلَة أَن كل مُجْتَهد مُصِيب لما هُوَ الْحق حَقِيقَة فالاجتهاد عبارَة عَن غَالب الرَّأْي فَمن يَقُول إِنَّه يسْتَدرك بِهِ الْحق قطعا بِلَا شُبْهَة فَإِنَّهُ دَاخل فِي جملَة من تناولهم هَذَا الحَدِيث
وَصَارَ الْحَاصِل أَن الْعَام أَكثر انتظاما للمسميات من الْخَاص وَالْخَاص فِي معرفَة المُرَاد بِهِ أثبت من الْمُشْتَرك فَفِي الْمُشْتَرك احْتِمَال غير المُرَاد وَمَعَ الِاحْتِمَال لَا يتَحَقَّق الثُّبُوت والمشترك فِي إِمْكَان معرفَة المُرَاد عِنْد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute