فِيهِ معنى الْعلَّة وَإِن وصف لَهُم الطَّرِيق حَتَّى وصلوا إِلَيْهِ بوصفه وَلم يذهب مَعَهم لم يكن شريكهم فِي الْمُصَاب لِأَن مَا صنعه تسبيب مَحْض وَلَيْسَ فِيهِ من معنى الْعلَّة شَيْء
وَأما السَّبَب الَّذِي لَهُ شُبْهَة الْعلَّة كحفر الْبِئْر فِي الطَّرِيق فَإِنَّهُ سَبَب للْقَتْل من حَيْثُ إِيجَاد شَرط الْوُقُوع وَهُوَ زَوَال المسكة وَلَيْسَ بعلة فِي الْحَقِيقَة فالعلة ثقل الْمَاشِي فِي نَفسه وَالسَّبَب الْمُطلق مَشْيه فِي ذَلِك الْموضع فَأَما الْحفر فَهُوَ إِيجَاد شَرط الْوُقُوع وَلَكِن لَهُ شُبْهَة الْعلَّة من حَيْثُ إِن الحكم يُضَاف إِلَيْهِ وجودا عِنْده لَا ثبوتا بِهِ وَلِهَذَا لم يكن مُوجبا الْكَفَّارَة وَلَا حرمَان الْمِيرَاث فَإِن ذَلِك جَزَاء الْفِعْل وَفعله تمّ من غير اتِّصَال بالمقتول وَإِنَّمَا اتَّصل بالمقتول عِنْد الْوُقُوع بِسَبَب آخر وَهُوَ مَشْيه إِلَّا أَنه يجب ضَمَان الدِّيَة عَلَيْهِ لِأَن ذَلِك بدل الْمُتْلف لَا جَزَاء الْفِعْل وَقد حصل التّلف مُضَافا إِلَى حفره وجودا عِنْده فَإِذا كَانَ ذَلِك تَعَديا مِنْهُ وَجب الضَّمَان عَلَيْهِ بِمُقَابلَة الْمُتْلف حَتَّى لَو اعْترض على فعله مَا يُمكن إِضَافَة الحكم إِلَيْهِ نَحْو دفع دَافع إِيَّاه فِي الْبِئْر فَإِنَّهُ يكون الضَّمَان على الدَّافِع دون الْحَافِر
وعَلى هَذَا قُلْنَا إِذا تزوج كَبِيرَة ورضيعة فأرضعت الْكَبِيرَة الرضيعة فَإِن الزَّوْج يغرم نصف صَادِق الصَّغِيرَة ثمَّ يرجع بِهِ على الْكَبِيرَة إِن تَعَمّدت الْفساد وَإِن لم تتعمد ذَلِك لم يرجع عَلَيْهَا بِشَيْء لِأَن ثُبُوت الْحُرْمَة بالإرضاع وَذَلِكَ مَوْجُود من الصبية إِلَّا أَن إلقام الثدي إِيَّاهَا سَبَب من الْكَبِيرَة لَهُ شُبْهَة الْعلَّة من حَيْثُ إِن الحكم يُضَاف إِلَيْهِ وجودا عِنْده