قَالَ رَضِي الله عَنهُ اعْلَم بِأَن الْحجَج الشَّرْعِيَّة من الْكتاب وَالسّنة لَا يَقع بَينهمَا التَّعَارُض والتناقض وضعا لِأَن ذَلِك من أَمَارَات الْعَجز وَالله يتعالى عَن أَن يُوصف بِهِ وَإِنَّمَا يَقع التَّعَارُض لجهلنا بالتاريخ فَإِنَّهُ يتَعَذَّر بِهِ علينا التَّمْيِيز بَين النَّاسِخ والمنسوخ أَلا ترى أَن عِنْد الْعلم بالتاريخ لَا تقع الْمُعَارضَة بِوَجْه وَلَكِن الْمُتَأَخر نَاسخ للمتقدم فَعرفنَا أَن الْوَاجِب فِي الأَصْل طلب التَّارِيخ ليعلم بِهِ النَّاسِخ من الْمَنْسُوخ وَإِذا لم يُوجد ذَلِك يَقع التَّعَارُض بَينهمَا فِي حَقنا من غير أَن يتَمَكَّن التَّعَارُض فِيمَا هُوَ حكم الله تَعَالَى فِي الْحَادِثَة وَلأَجل هَذَا يحْتَاج إِلَى معرفَة تَفْسِير الْمُعَارضَة وركنها وَشَرطهَا وَحكمهَا
فَأَما التَّفْسِير فَهِيَ الممانعة على سَبِيل الْمُقَابلَة
يُقَال عرض لي كَذَا أَي استقبلني فَمَنَعَنِي مِمَّا قصدته وَمِنْه سميت الْمَوَانِع عوارض فَإِذا تقَابل الحجتان على سَبِيل المدافعة والممانعة سميت مُعَارضَة
وَأما الرُّكْن فَهُوَ تقَابل الحجتين المتساويتين على وَجه يُوجب كل وَاحِد مِنْهُمَا ضد مَا توجبه الْأُخْرَى كالحل وَالْحُرْمَة وَالنَّفْي وَالْإِثْبَات لِأَن ركن الشَّيْء مَا يقوم بِهِ ذَلِك الشَّيْء وبالحجتين المتساويتين تقوم الْمُقَابلَة إِذا لَا مُقَابلَة للضعيف مَعَ الْقوي