للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي جَمِيع النَّهَار ركن وَاحِد وَشرط كَونه صوما شَرْعِيًّا النِّيَّة ليحصل بهَا الْإِخْلَاص فَإِذا ترجح جَانب الْوُجُود باقتران النِّيَّة بِأَكْثَرَ هَذَا الرُّكْن قُلْنَا يحصل بِهِ امْتِثَال الْأَمر

ف الشَّافِعِي يَقُول يُؤْخَذ فِي الْعِبَادَات بِالِاحْتِيَاطِ فَإِذا انعدمت النِّيَّة فِي جُزْء من هَذَا الرُّكْن يتَرَجَّح جَانب الْعَدَم على جَانب الْوُجُود لأجل الِاحْتِيَاط فِي أَدَاء الْفَرِيضَة فَكَانَ مَا اعْتَبرهُ معنى فِي الْحَال وَهُوَ أَنه فرض يُؤْخَذ فِيهِ بِالِاحْتِيَاطِ وَمَا اعتبرناه معنى فِي الذَّات والمرجح فِي الذَّات أولى بِالِاعْتِبَارِ من الْمُرَجح فِي الْحَال

وَقَالَ أَبُو حنيفَة إِذا كَانَ لرجل مِائَتَا دِرْهَم وَخمْس من الْإِبِل السَّائِمَة فَسبق حول السَّائِمَة فَأدى عَنْهَا شَاة ثمَّ بَاعهَا بِمِائَتي دِرْهَم فَإِنَّهُ لَا يضم ثمنهَا إِلَى مَا عِنْده وَلَكِن ينْعَقد على الثّمن حول جَدِيد فَلَو اسْتَفَادَ مِائَتي دِرْهَم بِهِبَة أَو مِيرَاث فَإِنَّهُ يضمها إِلَى أقرب الْمَالَيْنِ فِي الْحول وَإِن كَانَ الْمُسْتَفَاد ربح أحد الْمَالَيْنِ أَو زِيَادَة مُتَوَلّدَة من عين أحد الْمَالَيْنِ يضم ذَلِك إِلَى الأَصْل وَإِن كَانَ أبعد فِي الْحول لِأَن الْمُرَجح هُنَا معنى فِي الذَّات وَهُوَ كَونه نَمَاء أحد الْمَالَيْنِ فَيسْقط بمقابلته اعْتِبَار الْحَال فِي المَال الآخر وَهُوَ الْقرب فِي الْحول وَفِي الأول لما اسْتَوَى الجانبان فِيمَا يرجع إِلَى الذَّات صرنا إِلَى التَّرْجِيح بِاعْتِبَار الْحَال

والمسائل على هَذَا الأَصْل يكثر تعدادها وَالله أعلم

[فصل]

وَأما الْفَاسِد من التَّرْجِيح فأنواع أَرْبَعَة أَحدهَا مَا بَينا من تَرْجِيح قِيَاس بِقِيَاس آخر لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا عِلّة شَرْعِيَّة لثُبُوت الحكم بهَا فَلَا تكون إِحْدَاهمَا مرجحة لِلْأُخْرَى بِمَنْزِلَة زِيَادَة الْعدَد فِي الشُّهُود

وَكَذَلِكَ تَرْجِيح أحد القياسين بالْخبر فَاسد لِأَن الْقيَاس مَتْرُوك بالْخبر فَلَا يكون حجَّة فِي مُقَابلَته والمصير إِلَى التَّرْجِيح بعد وُقُوع التَّعَارُض بِاعْتِبَار الْمُمَاثلَة كَمَا بَينا

وَكَذَلِكَ تَرْجِيح أحد الْخَبَرَيْنِ بِنَصّ الْكتاب فَاسد لِأَن الْخَبَر لَا يكون حجَّة فِي مُعَارضَة النَّص

وَالنَّوْع الثَّانِي التَّرْجِيح بِكَثْرَة الْأَشْبَاه فَإِنَّهُ فَاسد عندنَا

وَبَيَانه فِيمَا يَقُوله الْخصم إِن الْأَخ يشبه الْأَب من وَجه وَهُوَ الْمَحْرَمِيَّة وَيُشبه ابْن الْعم من وُجُوه نَحْو جَرَيَان الْقصاص من الطَّرفَيْنِ وَقبُول شَهَادَة كل وَاحِد مِنْهُمَا لصَاحبه

<<  <  ج: ص:  >  >>