أما اشْتِرَاط الْعقل فَلِأَن الْخَبَر الَّذِي يرويهِ كَلَام منظوم لَهُ معنى مَعْلُوم وَلَا بُد من اشْتِرَاط الْعقل فِي الْمُتَكَلّم من الْعباد ليَكُون قَوْله كلَاما مُعْتَبرا فَالْكَلَام الْمُعْتَبر شرعا مَا يكون عَن تَمْيِيز وَبَيَان لَا عَن تلقين وهذيان أَلا ترى أَن من الطُّيُور من يسمع مِنْهُ حُرُوف منظومة وَيُسمى ذَلِك لحنا لَا كلَاما وَكَذَلِكَ إِذا سمع من إِنْسَان صَوته بحروف منظومة لَا يدل على معنى مَعْلُوم لَا يُسمى ذَلِك كلَاما فَعرفنَا أَن معنى الْكَلَام فِي الشَّاهِد مَا يكون مُمَيّزا بَين أَسمَاء الْأَعْلَام فَمَا لَا يكون بِهَذِهِ الصّفة يكون كلَاما صُورَة لَا معنى بِمَنْزِلَة مَا لَو صنع من خشب صُورَة آدَمِيّ لَا يكون آدَمِيًّا لِانْعِدَامِ معنى الْآدَمِيّ فِيهِ
ثمَّ التَّمْيِيز الَّذِي بِهِ يتم الْكَلَام بصورته وَمَعْنَاهُ لَا يكون إِلَّا بعد وجود الْعقل فَكَانَ الْعقل شرطا فِي الْمخبر لِأَن خَبره أحد أَنْوَاع الْكَلَام فَلَا يكون مُعْتَبرا إِلَّا بِاعْتِبَار عقله