للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرعا فَإِن الصَّبِي سَبَب للترحم شرعا لَا للهجران فَيتَعَيَّن الْمجَاز لهَذَا

وأمثلة هَذَا أَكثر من أَن تحصى وَالله أعلم

بَاب بَيَان مَعَاني الْحُرُوف المستعملة فِي الْفِقْه

قَالَ رَضِي الله عَنهُ اعْلَم بِأَن الْكَلَام عِنْد الْعَرَب اسْم وَفعل وحرف وكما يتَحَقَّق معنى الْحَقِيقَة وَالْمجَاز فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال فَكَذَلِك يتَحَقَّق فِي الْحُرُوف فَمِنْهُ مَا يكون مُسْتَعْملا فِي حَقِيقَته وَمِنْه مَا يكون مجَازًا عَن غَيره وَكثير من مسَائِل الْفِقْه تترتب على ذَلِك فَلَا بُد من بَيَان هَذِه الْحُرُوف وَذكر الطَّرِيق فِي تَخْرِيج الْمسَائِل عَلَيْهَا

فَأولى مَا يبْدَأ بِهِ من ذَلِك حُرُوف الْعَطف

الأَصْل فِيهِ الْوَاو فَلَا خلاف أَنه للْعَطْف (وَلَكِن عندنَا هُوَ للْعَطْف) مُطلقًا فَيكون مُوجبه الِاشْتِرَاك بَين الْمَعْطُوف والمعطوف عَلَيْهِ فِي الْخَبَر من غير أَن يَقْتَضِي مُقَارنَة أَو ترتيبا وَهُوَ قَول أَكثر أهل اللُّغَة

وَقَالَ بعض أَصْحَاب الشَّافِعِي رَحمَه الله إِنَّه مُوجب للتَّرْتِيب وَقد ذكر ذَلِك الشَّافِعِي فِي أَحْكَام الْقُرْآن وَكَذَلِكَ جعل التَّرْتِيب ركنا فِي الْوضُوء لِأَن فِي الْآيَة عطف الْيَد على الْوَجْه بِحرف الْوَاو فَيجب التَّرْتِيب بِهَذَا النَّص أَلا ترى أَن الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم لما سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عِنْد السَّعْي بِأَيِّهِمَا نبدأ قَالَ ابدؤوا بِمَا بَدَأَ الله تَعَالَى يُرِيد بِهِ قَوْله تَعَالَى {إِن الصَّفَا والمروة} فَفِي هَذَا تنصيص على أَن مُوجب الْوَاو التَّرْتِيب وَمَا وَجب تَرْتِيب السُّجُود على الرُّكُوع إِلَّا بقوله تَعَالَى {ارْكَعُوا واسجدوا} وَلَكنَّا نقُول هَذَا من بَاب اللِّسَان فطريق مَعْرفَته التَّأَمُّل فِي كَلَام الْعَرَب وَفِي الْأُصُول الْمَوْضُوعَة عِنْد أهل اللُّغَة بِمَنْزِلَة مَا لَو وَقعت الْحَاجة إِلَى معرفَة حكم الشَّرْع يكون طَرِيقه التَّأَمُّل فِي النُّصُوص من الْكتاب وَالسّنة وَالرُّجُوع إِلَى أصُول الشَّرْع وَعند التَّأَمُّل فِي كَلَام الْعَرَب وأصول اللُّغَة يتَبَيَّن أَن الْوَاو لَا توجب التَّرْتِيب فَإِن الْقَائِل يَقُول جَاءَنِي زيد وَعَمْرو يفهم من هَذَا الْإِخْبَار مجيئهما من غير

<<  <  ج: ص:  >  >>