الثَّالِثَة بِالدُّخُولِ وَعِنْدَهُمَا مَا لم تدخل لَا يَقع شَيْء فَإِذا دخلت طلقت ثَلَاثًا
وَلَو قدم الشَّرْط فَعِنْدَ أبي حنيفَة رَحمَه الله تقع الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة فِي الْحَال وتتعلق الأولى بِالدُّخُولِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقع شَيْء مَا لم تدخل فَإِذا دخلت طلقت ثَلَاثًا هَكَذَا ذكر مُفَسرًا فِي النَّوَادِر
وَقد يسْتَعْمل حرف ثمَّ بِمَعْنى الْوَاو مجَازًا قَالَ الله تَعَالَى {ثمَّ كَانَ من الَّذين آمنُوا} وَقَالَ تَعَالَى {ثمَّ الله شَهِيد على مَا يَفْعَلُونَ} وعَلى هَذَا قُلْنَا فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من حلف على يَمِين وَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليأت الَّذِي هُوَ خير ثمَّ ليكفر يَمِينه إِن حرف ثمَّ فِي هَذِه الرِّوَايَة مَحْمُول على الْحَقِيقَة وَفِي الرِّوَايَة الَّتِي قَالَ فليكفر يَمِينه ثمَّ ليأت بِالَّذِي هُوَ خير حرف ثمَّ بِمَعْنى الْوَاو مجَازًا لِأَن صِيغَة الْأَمر للْإِيجَاب وَإِنَّمَا التَّكْفِير بعد الْحِنْث لَا قبله فحملنا هَذَا الْحَرْف على الْمجَاز لمراعاة حَقِيقَة الصِّيغَة فِيمَا هُوَ الْمَقْصُود إِذْ لَو حملنَا حرف ثمَّ على الْحَقِيقَة كَانَ الْأَمر بالتكفير مَحْمُولا على الْمجَاز فَإِنَّهُ لَا يجب تَقْدِيم التَّكْفِير على الْحِنْث بالِاتِّفَاقِ فَكَانَ الأولى على هَذَا أَن يَجْعَل حرف ثمَّ بِمَعْنى حرف الْفَاء فَإِنَّهُ أقرب إِلَيْهِ من حرف الْوَاو وَإِنَّمَا لم نَفْعل ذَلِك لِأَن حرف الْفَاء يُوجب ترتيبا أَيْضا والحنث غير مُرَتّب على التَّكْفِير بِوَجْه فَلهَذَا جَعَلْنَاهُ بِمَعْنى الْوَاو
[فصل]
وَأما حرف بل هُوَ لتدارك الْغَلَط بِإِقَامَة الثَّانِي مقَام الأول وَإِظْهَار أَن الأول كَانَ غَلطا فَإِن الرجل يَقُول جَاءَنِي زيد بل عَمْرو أَو لَا بل عَمْرو فَإِنَّمَا يفهم مِنْهُ الْإِخْبَار بمجيء عَمْرو خَاصَّة وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى {بل كُنْتُم مجرمين}
{بل مكر اللَّيْل وَالنَّهَار إِذْ تأمروننا أَن نكفر بِاللَّه} وعَلى هَذَا قَالَ زفر رَحمَه الله إِن من قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم بل أَلفَانِ يلْزمه ثَلَاثَة آلَاف لِأَن بل لتدارك الْغَلَط فَيكون إِقْرَارا بِأَلفَيْنِ ورجوعا عَن الْألف وَبَيَان أَنه كَانَ غَلطا وَلَكِن الْإِقْرَار صَحِيح وَالرُّجُوع