ذَلِك الحكم فِي الآخر كمن يَقُول لغيره اجْعَل زيدا وعمرا فِي الْعَطِيَّة سَوَاء ثمَّ يَقُول أعْط زيدا درهما يكون ذَلِك تنصيصا على أَنه يُعْطي عمرا أَيْضا درهما فَعرفنَا أَنه لَا وَجه للتحرز عَن هَذَا الْفساد إِلَّا بِبَيَان تفَاوت بَين هَذَا الْوَصْف وَبَين سَائِر الْأَوْصَاف فِي كَونه عِلّة للْحكم وَذَلِكَ التَّفَاوُت لَا يتَبَيَّن إِلَّا بِبَيَان التَّأْثِير أَو الملاءمة فيضطر إِلَى بَيَانه شَاءَ أَو أَبى ثمَّ وَإِن قَامَ الدَّلِيل على فَسَاد سَائِر الْأَوْصَاف على وَجه لَا عمل لذَلِك الدَّلِيل فِي إِفْسَاد هَذَا الْوَصْف الْوَاحِد فَنحْن نتيقن أَن ذَلِك الدَّلِيل كَمَا لَا يُوجب فَسَاد هَذَا الْوَصْف لَا يُوجب صِحَّته فَلَا يبْقى على تَصْحِيح هَذَا الْوَصْف دَلِيلا سوى أَنه لم يقم الدَّلِيل على فَسَاده وَلَو جَازَ إِثْبَات الْوَصْف مُوجبا للْحكم بِهَذَا الطَّرِيق لجَاز إِثْبَات الحكم بِدُونِ هَذَا الْوَصْف بِهَذَا الطَّرِيق وَهُوَ أَن يَقُول حكم الْحَادِثَة كَذَا لِأَنَّهُ لم يقم الدَّلِيل على فَسَاد هَذَا الحكم وَمَا قَالَه من الِاسْتِدْلَال بالحكم فَهُوَ وهم لِأَن بإفساد مَذْهَب الْخصم لَا يثبت صِحَة مَذْهَب الْمُدَّعِي للْحكم بِوَجْه من الْوُجُوه وَكَيف يثبت ذَلِك والمبطل دَافع وَالْمُدَّعِي للْحكم مُثبت وَحجَّة الدّفع غير حجَّة الْإِثْبَات
ثمَّ الدَّلِيل على أَن بِقِيَام دَلِيل الْفساد فِي سَائِر الْأَوْصَاف لَا تثبت صِحَة الْوَصْف الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُعَلل فِي الشرعيات أَن من أَحْكَام الشَّرْع مَا هُوَ غير مَعْلُول أصلا بل الحكم فِيهِ ثَابت بِالنَّصِّ فبقيام الدَّلِيل على فَسَاد سَائِر الْأَوْصَاف لَا يَنْعَدِم احْتِمَال قيام الدَّلِيل على فَسَاد هَذَا الْوَصْف حَقِيقَة وَلَا حكما من هَذَا الْوَجْه لجَوَاز أَن يكون هَذَا النَّص غير مَعْلُول أصلا وَبِه فَارق العقليات ثمَّ احْتِمَال الصِّحَّة وَالْفساد فِي هَذَا الْوَصْف بِالْإِجْمَاع كَانَ مَانِعا من جعله حجَّة لإِثْبَات الحكم قبل قيام الدَّلِيل على فَسَاد سَائِر الْأَوْصَاف فَكَذَلِك بعده لِأَن احْتِمَال تعينه قَائِم
بَاب وُجُوه الِاعْتِرَاض على الْعِلَل
قَالَ رَضِي الله عَنهُ الْعِلَل نَوْعَانِ طردية ومؤثرة
والاعتراض على كل نوع من وَجْهَيْن فَاسد وصحيح
فالاعتراضات الْفَاسِدَة على الْعِلَل المؤثرة أَرْبَعَة المناقضة وَفَسَاد الْوَضع وَوُجُود الحكم مَعَ عدم الْعلَّة والمفارقة بَين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute