للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَاطِل كَمَا لَو قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق وَاحِدَة بل اثْنَتَيْنِ تطلق ثَلَاثًا وَلَكنَّا نقُول يلْزمه أَلفَانِ لِأَنَّهُ مَا كَانَ مَقْصُوده تدارك الْغَلَط بِنَفْي مَا أقرّ بِهِ أَولا بل تدارك الْغَلَط بِإِثْبَات الزِّيَادَة الَّتِي نفاها فِي الْكَلَام الأول بطرِيق الِاقْتِضَاء فَكَأَنَّهُ قَالَ بل مَعَ تِلْكَ الْألف ألف أُخْرَى فهما أَلفَانِ عَليّ أَلا ترى أَن الرجل يَقُول أَتَى عَليّ خَمْسُونَ سنة بل سِتُّونَ فَإِنَّهُ يفهم هَذَا من كَلَامه بل سِتُّونَ لعشرة زَائِدَة على الْخمسين الَّتِي أخْبرت بهَا أَولا وَلَكِن هَذَا يتَحَقَّق فِي الإخبارات لِأَنَّهَا تحْتَمل الْغَلَط وَلَا يتَحَقَّق فِي الإنشاءات فَلهَذَا جَعَلْنَاهُ موقعا اثْنَتَيْنِ رَاجعا عَن الأولى ورجوعه لَا يَصح فَتطلق ثَلَاثًا حَتَّى لَو قَالَ كنت طَلقتك أمس وَاحِدَة لَا بل اثْنَتَيْنِ تطلق اثْنَتَيْنِ لِأَن الْغَلَط فِي الْإِخْبَار يتَمَكَّن وَلَو قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا أَنْت طَالِق وَاحِدَة لَا بل اثْنَتَيْنِ تطلق وَاحِدَة لِأَنَّهُ بقوله بل اثْنَتَيْنِ أَولا بل اثْنَتَيْنِ يروم الرُّجُوع عَن الأولى وَذَلِكَ بَاطِل وَبَعْدَمَا بَانَتْ بِالْأولَى لم يبْق الْمحل ليَصِح إِيقَاع الثِّنْتَيْنِ عَلَيْهَا وَلَو قَالَ إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق وَاحِدَة لَا بل اثْنَتَيْنِ فَدخلت تطلق ثَلَاثًا بالِاتِّفَاقِ لِأَن مَعَ تعلق الأولى بِالشّرطِ بَقِي الْمحل على حَاله وَهُوَ بِهَذَا الْحَرْف تبين أَنه تعلق الثِّنْتَيْنِ بِالشّرطِ ابْتِدَاء لَا بِوَاسِطَة الأولى لِأَنَّهُ رَاجع عَن الأولى فَكَأَنَّهُ أعَاد ذكر الشَّرْط وَصَارَ كَلَامه فِي حكم يمينين فَعِنْدَ وجود الشَّرْط تقع الثَّلَاث جملَة لتَعلق الْكل بِالشّرطِ بِلَا وَاسِطَة بِخِلَاف مَا قَالَه أَبُو حنيفَة رَحمَه الله فِي حرف الْوَاو فَإِنَّهُ للْعَطْف فَيكون هُوَ مقررا للأولى ومعلقا الثَّانِيَة بِالشّرطِ بِوَاسِطَة الأولى فَعِنْدَ وجود الشَّرْط يقعن مُتَفَرقًا أَيْضا فَتبين بِالْأولَى قبل وُقُوع الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَالله أعلم

[فصل]

وَأما لَكِن فَهُوَ كلمة مَوْضُوعَة للاستدراك بعد النَّفْي تَقول مَا رَأَيْت زيدا لَكِن عمرا فَالْمَعْنى الَّذِي تخْتَص بِهِ هَذِه الْكَلِمَة بِاعْتِبَار أصل الْوَضع إِثْبَات مَا بعْدهَا فَأَما نفي مَا قبلهَا فثابت بدليله بِخِلَاف بل قَالَ تَعَالَى {فَلم تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِن الله قَتلهمْ وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى} ثمَّ الْعَطف بهَا إِنَّمَا يكون عِنْد اتساق الْكَلَام فَإِن وجد ذَلِك كَانَ لتعليق النَّفْي بالإثبات الَّذِي بعْدهَا وَإِلَّا كَانَت للاستئناف

وَبَيَان هَذَا فِي مسَائِل مَذْكُورَة فِي الْجَامِع مِنْهَا إِذا قَالَ رجل هَذَا العَبْد فِي يَدي لفُلَان

<<  <  ج: ص:  >  >>