فَقَالَ الْمقر لَهُ مَا كَانَ لي قطّ وَلكنه لفُلَان فَإِن وصل كَلَامه فَهُوَ للْمقر لَهُ الثَّانِي وَإِن فصل فَهُوَ للْمقر لِأَن قَوْله مَا كَانَ لي قطّ تَصْرِيح بِنَفْي ملكه فِيهِ فَإِذا وصل بِهِ قَوْله لَكِن لفُلَان كَانَ بَيَانا أَنه نفي ملكه إِلَى الثَّانِي بِإِثْبَات الْملك لَهُ بقوله لَكِن فَإِن قطع كَلَامه كَانَ مَحْمُولا على نفي ملكه أصلا كَمَا هُوَ الظَّاهِر وَهُوَ رد للإقرار ثمَّ قَوْله وَلكنه لفُلَان شَهَادَة بِالْملكِ للثَّانِي على الْمقر وبشهادة الْفَرد لَا يثبت الْملك
وَلَو أَن الْمقْضِي لَهُ بِالْعَبدِ بِالْبَيِّنَةِ قَالَ مَا كَانَ لي قطّ وَلكنه لفُلَان فَقَالَ الْمقر لَهُ قد كَانَ لَهُ فَبَاعَهُ أَو وهبه مني بعد الْقَضَاء لَهُ فَإِنَّهُ يكون للثَّانِي لِأَنَّهُ حِين وصل الْكَلَام فقد تبين أَنه نفي ملكه بإثباته للثَّانِي وَذَلِكَ يحْتَمل الْإِنْشَاء بِسَبَب كَانَ بعد الْقَضَاء فَيحمل على ذَلِك فِي حق الْمقر لَهُ إِلَّا أَن الْمقر يصير ضَامِنا قِيمَته للمقضي عَلَيْهِ لِأَن ظَاهر كَلَامه تَكْذِيب لشهوده وَإِقْرَار بِأَن الْقَضَاء بَاطِل وَهَذَا حجَّة عَلَيْهِ وَلَكِن إِنَّمَا يُقرر هَذَا الحكم بعد مَا تحول الْملك إِلَى الْمقر لَهُ فَيضمن قِيمَته للمقضي عَلَيْهِ
وَلَو أَن أمة زوجت نَفسهَا من رجل بِمِائَة دِرْهَم بِغَيْر إِذن مَوْلَاهَا فَقَالَ الْمولى لَا أجيزه لَكِن أجيزه بِمِائَة وَخمسين أَو قَالَ لَكِن أجيزه إِن زدتني خمسين فَالْعقد بَاطِل لِأَن الْكَلَام غير متسق فَإِن نفي الْإِجَازَة وإثباتها بِعَينهَا لَا يتَحَقَّق فِيهِ معنى الْعَطف فيرتد العقد بقوله لَا أجيزه وَيكون قَوْله لَكِن أجيزه ابْتِدَاء بعد الِانْفِسَاخ
وَلَو قَالَ لفُلَان عَليّ ألف دِرْهَم قرض فَقَالَ فلَان لَا وَلكنه غصب فَإِنَّهُ يلْزمه المَال لِأَن الْكَلَام متسق فيتبين بِآخِرهِ أَنه نفي السَّبَب لَا أصل المَال وَأَنه قد صدقه فِي الْإِقْرَار بِأَصْل المَال وَلَا تفَاوت فِي الحكم بَين السببين والأسباب مَطْلُوبَة للْأَحْكَام فَعِنْدَ انعدام التَّفَاوُت يتم تَصْدِيقه لَهُ فِيمَا أقرّ بِهِ فَيلْزمهُ المَال وعَلى هَذَا لَو قَالَ لَك عَليّ ألف دِرْهَم ثمن هَذِه الْجَارِيَة الَّتِي اشْتَرَيْتهَا مِنْك فَقَالَ الْجَارِيَة جاريتك مَا بعتها مِنْك وَلَكِن لي عَلَيْك ألف دِرْهَم يلْزمه المَال لِأَن الْكَلَام متسق وَفِي آخِره بَيَان أَنه مُصدق لَهُ فِي أصل المَال مكذب فِي السَّبَب وَلَا تفَاوت عِنْد سَلامَة الْجَارِيَة للْمقر فَيلْزمهُ المَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute