للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُقَارنَة وَلَا تَرْتِيب حَتَّى يكون صَادِقا فِي خَبره سَوَاء جَاءَهُ عَمْرو أَولا ثمَّ زيد أَو زيد ثمَّ عَمْرو أَو جَاءَا مَعًا

وَكَذَلِكَ وضعُوا الْوَاو للْجمع مَعَ النُّون يَقُولُونَ جَاءَنِي الزيدون أَي زيد وَزيد وَزيد وَالْقَائِل يَقُول لَا تَأْكُل السّمك وتشرب اللَّبن فيفهم مِنْهُ الْمَنْع من الْجمع بَينهمَا دون التَّرْتِيب على مَا قَالَ الْقَائِل لَا تنه عَن خلق وَتَأْتِي مثله عَار عَلَيْك إِذا فعلت عَظِيم وَلَو وضع مَكَان الْوَاو هُنَا الْفَاء لم يكن الْكَلَام مُسْتَقِيمًا فالفاء توجب ترتيبا من حَيْثُ إِنَّه للتعقيب مَعَ الْوَصْل فَلَو كَانَ مُوجب الْوَاو التَّرْتِيب لم يخْتل الْكَلَام بِذكر الْفَاء مَكَانَهُ وَكَذَلِكَ يتبدل الحكم أَيْضا إِذا ذكر الْوَاو مَكَان الْفَاء فَإِن من يَقُول لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار وَأَنت طَالِق تطلق فِي الْحَال فَلَو كَانَ مُوجب الْوَاو التَّرْتِيب لَكَانَ هُوَ بِمَنْزِلَة الْفَاء فَيَنْبَغِي أَن يتَأَخَّر الطَّلَاق إِلَى وجود الشَّرْط

وَأما من حَيْثُ الْوَضع لُغَة فلأنهم وضعُوا كل حرف ليَكُون دَلِيلا على معنى مَخْصُوص كَمَا فعلوا فِي الْأَسْمَاء وَالْأَفْعَال فالاشتراك لَا يكون إِلَّا لغفلة من الْوَاضِع أَو لعذر وتكرار اللَّفْظ لِمَعْنى وَاحِد يُوجب إخلاءه عَن الْفَائِدَة كَمَا قَررنَا فَلَا يَلِيق ذَلِك بالحكمة

ثمَّ إِنَّهُم وضعُوا الْفَاء للوصل مَعَ التعقيب وَثمّ للتعقيب مَعَ التَّرَاخِي وَمَعَ للقران

فَلَو قُلْنَا بِأَن الْوَاو توجب الْقرَان أَو التَّرْتِيب كَانَ تَكْرَارا بِاعْتِبَار أصل الْوَضع وَلَو قُلْنَا إِنَّه يُوجب الْعَطف مُطلقًا لَكَانَ لفائدة جَدِيدَة بِاعْتِبَار أصل الْوَضع ثمَّ يتنوع هَذَا الْعَطف أنواعا لكل نوع مِنْهُ حرف خَاص

وَنَظِيره من الْأَسْمَاء الْإِنْسَان فَإِنَّهُ للآدمي مُطلقًا ثمَّ يتنوع أنواعا لكل نوع مِنْهُ اسْم خَاص بِأَصْل الْوَضع وَالتَّمْر كَذَلِك

وَهُوَ نَظِير مَا قُلْنَا فِي اسْم الرَّقَبَة إِنَّه للذات مُطلقًا من غير أَن يكون دَالا على معنى التَّقْيِيد بِوَصْف فَكَذَلِك الْوَاو للْعَطْف (مُطلقًا) بِاعْتِبَار أصل الْوَضع وَلِهَذَا قُلْنَا الْمَنْصُوص عَلَيْهِ فِي آيَة الْوضُوء الْغسْل وَالْمسح من غير تَرْتِيب وَلَا قرَان ثمَّ كَانَ التَّرْتِيب بِاعْتِبَار فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَذَلِكَ للإكمال فيتأدى الرُّكْن بِمَا هُوَ الْمَنْصُوص وتتعلق صفة الْكَمَال بمراعاة التَّرْتِيب فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>