للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى {الزَّانِيَة وَالزَّانِي} لما اتَّصل الْألف وَاللَّام بنكرة لَيْسَ فِي جِنْسهَا مَعْهُود أوجب الْعُمُوم وَلِهَذَا قُلْنَا لَو قَالَ الْمَرْأَة الَّتِي أَتَزَوَّجهَا طَالِق تطلق كل امْرَأَة يَتَزَوَّجهَا وَلَو قَالَ العَبْد الَّذِي يدْخل الدَّار من عَبِيدِي حر يعْتق كل عبد يدْخل الدَّار وَهَذَا لِأَن الْألف وَاللَّام للمعهود وَلَيْسَ هُنَا مَعْهُود فَيكون بِمَعْنى الْجِنْس مجَازًا كَالرّجلِ يَقُول فلَان يحب الدِّينَار وَمرَاده الْجِنْس وَفِي الْجِنْس معنى الْعُمُوم كَمَا بَينا وعَلى هَذَا لَو قَالَ لامْرَأَته أَنْت الطَّلَاق أَو أَنْت طَالِق الطَّلَاق يحْتَمل معنى الْعُمُوم فِيهِ حَتَّى إِذا نوى الثَّلَاث تقع الثَّلَاث وَلَكِن بِدُونِ النِّيَّة يتَنَاوَل الْوَاحِدَة لِأَنَّهَا أدنى الْجِنْس وَهِي الْمُتَيَقن بهَا وعَلى هَذَا قَالَ فِي الزِّيَادَات لَو وكل وَكيلا بشرَاء الثِّيَاب يَصح التَّوْكِيل بِدُونِ بَيَان الْجِنْس لِأَن عِنْد ذكر الْألف وَاللَّام يصير هَذَا بِمَعْنى الْجِنْس فَيتَنَاوَل الْأَدْنَى بِخِلَاف مَا لَو قَالَ ثيابًا أَو أثوابا فَإِن التَّوْكِيل لَا يكون صَحِيحا لجَهَالَة الْجِنْس فِيمَا يتَنَاوَلهُ التَّوْكِيل

وَمن الدَّلِيل على التَّعْمِيم فِي النكرَة إِلْحَاق وصف عَام بهَا حَتَّى إِذا قَالَ وَالله لَا أكلم إِلَّا رجلا عَالما كَانَ لَهُ أَن يكلم كل عَالم لِأَن الْمُسْتَثْنى نكرَة فِي الْإِثْبَات وَلكنهَا مَوْصُوفَة بِصفة عَامَّة بِخِلَاف مَا لَو قَالَ إِلَّا رجلا فَكلم رجلَيْنِ فَإِنَّهُ يَحْنَث وَلَو قَالَ لامرأتين لَهُ وَالله لَا أقربكما إِلَّا يَوْمًا فالمستثنى يَوْم وَاحِد وَلَو قَالَ إِلَّا يَوْم أقربكما فِيهِ فَكل يَوْم يقربهما فِيهِ يكون مُسْتَثْنى لَا يَحْنَث بِهِ لِأَنَّهُ وصف النكرَة بِصفة عَامَّة

وَمن جنس النكرَة كلمة أَي فَإِنَّهَا للخصوص بِاعْتِبَار أصل الْوَضع يَقُول أَي رجل أَتَاك وَأي دَار تريدها وَالْمرَاد الْفَرد فَقَط وَقَالَ تَعَالَى {أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا} وَالْمرَاد الْفَرد من المخاطبين بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {يأتيني} فَإِنَّهُ لم يقل يأتوني وعَلى هَذَا لَو قَالَ لرجل أَي عَبِيدِي ضَربته فَهُوَ حر فضربهم لم يعْتق إِلَّا وَاحِد مِنْهُم لِأَن كلمة أَي يتَنَاوَل الْفَرد مِنْهُم

فَإِن قيل أَلَيْسَ أَنه لَو قَالَ أَي عَبِيدِي ضربك فَهُوَ حر فضربوه عتقوا جَمِيعًا قُلْنَا نعم وَلَكِن كلمة أَي تتَنَاوَل الْفَرد مِمَّا يقرن بِهِ من النكرَة فَإِذا قَالَ ضربك فَإِنَّمَا يتَنَاوَل نكرَة مَوْصُوفَة بِفعل الضَّرْب وَهَذِه الصّفة عَامَّة إِلَى الْمُخَاطب لَا إِلَى النكرَة الَّتِي تتناولها كلمة أَي فَبَقيت نكرَة غير مَوْصُوفَة فَلهَذَا لَا تتَنَاوَل إِلَّا الْوَاحِد مِنْهُم وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى أَي فيتعمم بتعميم

<<  <  ج: ص:  >  >>