للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْحكم للسبب لِأَن الأَصْل مستغن عَن الْفَرْع وَالْفرع مُحْتَاج إِلَى الأَصْل لِأَنَّهُ تَابع لَهُ فَيصير معنى الِاتِّصَال مُعْتَبرا فِيمَا هُوَ مُحْتَاج إِلَيْهِ دون مَا هُوَ مُسْتَغْنى عَنهُ

وَهُوَ نَظِير الْجُمْلَة النَّاقِصَة إِذا عطفت على الْجُمْلَة الْكَامِلَة فَإِنَّهُ يعْتَبر اتِّصَال الْجُمْلَة النَّاقِصَة بالكاملة فِيمَا يرجع إِلَى إِكْمَال النَّاقِصَة لحاجتها إِلَى ذَلِك حَتَّى يتَوَقَّف أول الْكَلَام على آخِره وَلَا يعْتَبر اتِّصَال النَّاقِص بالكامل فِي حكم الْكَامِل لِأَنَّهُ مُسْتَغْنى عَنهُ فَملك الرَّقَبَة سَبَب ملك الْمُتْعَة بَينهمَا اتِّصَال من هَذَا الْوَجْه فَلهَذَا جَازَ اسْتِعَارَة السَّبَب للْحكم وَلَا يجوز اسْتِعَارَة الحكم للسبب وَاللَّفْظ الْمَوْضُوع لإِيجَاب ملك الرَّقَبَة يجوز أَن يستعار لإِيجَاب ملك الْمُتْعَة والموضوع لإِيجَاب ملك الْمُتْعَة لَا يصلح مستعارا لإِيجَاب ملك الرَّقَبَة وَلِهَذَا الطَّرِيق قُلْنَا إِن لفظ التَّحْرِير عَامل فِي إِيقَاع الطَّلَاق بِهِ مجَازًا لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة لإِزَالَة ملك الرَّقَبَة وزوالها سَبَب لزوَال ملك الْمُتْعَة إِلَّا أَنه لَا يعْمل بِدُونِ النِّيَّة لِأَن الْمحل الْمُضَاف إِلَيْهِ غير مُتَعَيّن لهَذَا الْمجَاز بل هُوَ مَحل لحقيقة الْوَصْف بِالْحُرِّيَّةِ فَيحْتَاج إِلَى النِّيَّة ليتعين فِيهَا الِاسْتِعْمَال بطرِيق الْمجَاز وَلَفظ الطَّلَاق لَا يحصل بِهِ الْعتْق لِأَنَّهُ مَوْضُوع لإِزَالَة ملك الْمُتْعَة وَزَوَال ملك الْمُتْعَة لَيْسَ بِسَبَب لزوَال ملك الرَّقَبَة بل هُوَ حكم ذَلِك السَّبَب فَلَا يصلح اسْتِعَارَة الحكم للسبب كَمَا لَا يصلح اسْتِعَارَة الْفَرْع للْأَصْل لكَونه مُسْتَغْنى عَنهُ وَلَكِن الشَّافِعِي رَحمَه الله جوز هَذِه الِاسْتِعَارَة أَيْضا للقرب بَينهمَا من حَيْثُ المشابهة فِي الْمَعْنى وكل وَاحِد مِنْهُمَا إِزَالَة بطرِيق الْإِبْطَال مَبْنِيّ على الْغَلَبَة والسراية غير مُحْتَمل للْفَسْخ مُحْتَمل للتعليق بِالشّرطِ والإيجاب فِي الْمَجْهُول فللمناسبة بَينهمَا فِي هَذَا الْمَعْنى جوز اسْتِعَارَة كل وَاحِد مِنْهُمَا للْآخر وَلَكنَّا نقُول الْمُنَاسبَة فِي الْمَعْنى صَالح للاستعارة لَكِن لَا بِكُل وصف بل بِالْوَصْفِ الَّذِي يخْتَص بِكُل وَاحِد مِنْهُمَا أَلا ترى أَنه لَا يُسمى الجبان أسدا وَلَا الشجاع حمارا للمناسبة بَينهمَا من حَيْثُ الحيوانية والوجود وَمَا أشبه ذَلِك وَيُسمى الشجاع أسدا للمناسبة بَينهمَا فِي الْوَصْف الْخَاص وَهُوَ الشجَاعَة وَهَذَا لِأَن اعْتِبَار هَذِه الْمُنَاسبَة بَينهمَا للاستعارة بِمَنْزِلَة اعْتِبَار الْمَعْنى فِي الْمَنْصُوص لتعدية الحكم بِهِ إِلَى الْفُرُوع ثمَّ لَا يَسْتَقِيم تَعْلِيل النَّص بِكُل

<<  <  ج: ص:  >  >>