يكون كِنَايَة نَحْو هَاء الغائبة وكاف المخاطبة يَقُول الرجل هُوَ يفعل كَذَا وَهَذَا الْهَاء لَا يُمَيّز اسْما من اسْم فَتكون هَذِه الْكِنَايَة من الصَّرِيح بِمَنْزِلَة الْمُشْتَرك من الْمُفَسّر وَكَذَلِكَ كل اسْم هُوَ ضمير نَحْو أَنا وَأَنت وَنحن فَهُوَ كِنَايَة وكل مَا يكون مُتَرَدّد الْمَعْنى فِي نَفسه فَهُوَ كِنَايَة وَالْمجَاز قبل أَن يصير متعارفا بِمَنْزِلَة الْكِنَايَة أَيْضا لما فِيهِ من التَّرَدُّد وَمِنْه أخذت الكنية فَإِنَّهَا غير الِاسْم
وَالِاسْم الصَّرِيح لكل شخص مَا جعل علما لَهُ ثمَّ يكنى بِالنِّسْبَةِ إِلَى وَلَده فَيكون ذَلِك تعريفا لَهُ بِالْوَلَدِ الَّذِي هُوَ مَعْرُوف بِالنّسَبِ إِلَيْهِ وَهَذَا لَيْسَ من الْمجَاز فِي شَيْء وَلَكِن لما كَانَ معرفَة المُرَاد مِنْهُ بِغَيْرِهِ سمي كنية وعَلى هَذَا الاستعارات والتعريضات فِي الْكَلَام بِمَنْزِلَة الْكِنَايَة فَإِن الْعَرَب تكني الحبشي بِأبي الْبَيْضَاء والضرير بِأبي العيناء وَلَيْسَ بَينهمَا اتِّصَال بل بَينهمَا مضادة وَقد ذكرنَا أَن الْمجَاز حَده الِاتِّصَال بَينه وَبَين مَا جعل مجَازًا عَنهُ
عرفنَا أَن الْكِنَايَة غير الْمجَاز وَلَكنهُمْ يكنون بالشَّيْء عَن الشَّيْء على وَجه السخرية أَو على وَجه التفاؤل فيكنون عَمَّا يذم بِمَا يمدح بِهِ على سَبِيل التفاؤل كَمَا يذكرُونَ صِيغَة الْأَمر على وَجه الزّجر والتهديد ويقولن تربت يداك على وَجه التعطف فَبِهَذَا يتَبَيَّن أَن حد الْكِنَايَة غير حد الْمجَاز
ثمَّ حكم الصَّرِيح ثُبُوت مُوجبه بِنَفسِهِ من غير حَاجَة إِلَى عَزِيمَة وَذَلِكَ نَحْو لفظ الطَّلَاق وَالْعتاق فَإِنَّهُ صَرِيح فعلى أَي وَجه أضيف إِلَى الْمحل من نِدَاء أَو وصف أَو خبر كَانَ مُوجبا للْحكم حَتَّى إِذا قَالَ يَا حر أَو يَا طَالِق أَو أَنْت حر أَو أَنْت طَالِق أَو قد حررتك أَو قد طَلقتك يكون إيقاعا نوى أَو لم ينْو لِأَن عينه قَائِم مقَام مَعْنَاهُ فِي إِيجَاب الحكم لكَونه صَرِيحًا فِيهِ
وَحكم الْكِنَايَة أَن الحكم بهَا لَا يثبت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute