وَلَكنَّا نقُول لَا وَجه لتصحيح كَلَامه على مَا قَالَه الْفراء لِأَن خبر الْمثنى غير خبر الْوَاحِد يُقَال للْوَاحِد حر وللاثنين حران وَالْمَذْكُور فِي كَلَامه من الْخَبَر قَوْله حر فَإِذا لم يَجْعَل كَانَ كل وَاحِد من الآخرين مُنْفَردا بِالذكر لَا يصلح أَن يكون الْخَبَر الْمَذْكُور خَبرا لَهما والعطف للاشتراك فِي الْخَبَر لَا لإِثْبَات خبر آخر وَإِذا جعلنَا الثَّالِث كالمنفرد بِالذكر صَار كَأَنَّهُ قَالَ أحد هذَيْن حر وَهَذَا فَيكون فِيهِ ضم الثَّالِث إِلَى الْمُعْتق من الْأَوَّلين لَا إِلَى غير الْمُعْتق فَلهَذَا عتق الثَّالِث
وَمَسْأَلَة الْجَامِع إِنَّمَا تخرج على الأَصْل الَّذِي بَينا فَإِن فِي آخر كَلَامه مَا يُغير مُوجب أَوله لِأَن مُوجب أول الْكَلَام عتق الأول مجَّانا بِغَيْر سِعَايَة ويتغير ذَلِك بآخر كَلَامه عِنْد أبي حنيفَة رَحمَه الله لِأَن المستسعي بِمَنْزِلَة الْمكَاتب (عِنْده) فيتغير حكم أصل الْعتْق وَعِنْدَهُمَا يتَغَيَّر حكم الْبَرَاءَة عَن السّعَايَة فَلهَذَا توقف أَوله على آخِره
وَاخْتلفُوا فِي عطف الْجُمْلَة التَّامَّة على الْجُمْلَة التَّامَّة بِحرف الْوَاو نَحْو مَا إِذا قَالَ زَيْنَب طَالِق ثَلَاثًا وَعمرَة طَالِق فَإِنَّمَا تطلق عمْرَة وَاحِدَة وكل وَاحِد من الْكَلَامَيْنِ جملَة تَامَّة لِأَنَّهُ ابْتِدَاء وَخبر فالواو بَينهمَا عِنْد بعض مَشَايِخنَا لِمَعْنى الِابْتِدَاء يحسن نظم الْكَلَام كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {والراسخون فِي الْعلم} وَقَوله تَعَالَى {ويمح الله الْبَاطِل} وَقَوله تَعَالَى فِي حكم الْقَذْف {وَأُولَئِكَ هم الْفَاسِقُونَ إِلَّا الَّذين تَابُوا} فَإِنَّهُ ابْتِدَاء عندنَا
قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَالأَصَح أَن هَذَا الْوَاو للْعَطْف أَيْضا عِنْدِي إِلَّا أَن الِاشْتِرَاك فِي الْخَبَر لَيْسَ من حكم بِمُجَرَّد الْعَطف بل بِاعْتِبَار حَاجَة الْمَعْطُوف إِلَيْهِ إِذا لم يذكر خَبرا وَلَا حَاجَة إِذا ذكر لَهُ خَبرا وَلِهَذَا عِنْد الْحَاجة جعلنَا خبر الْمَعْطُوف عين مَا هُوَ خبر الْمَعْطُوف عَلَيْهِ إِذا أمكن لَا غَيره لِأَن الْحَاجة ترْتَفع بِعَين ذَلِك حَتَّى إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت طَالِق إِن دخلت هَذِه الدَّار وَإِن دخلت هَذِه الدَّار الْأُخْرَى فَإِنَّمَا يتَعَلَّق بِدُخُول الدَّار الثَّانِيَة تِلْكَ التطليقة لَا غَيرهَا حَتَّى لَو دخلت الدَّاريْنِ لم تطلق إِلَّا وَاحِدَة فَأَما إِذا تعذر ذَلِك بِأَن يَقُول فُلَانَة طَالِق وفلانة فَإِنَّهُ يَقع على الثَّانِيَة غير مَا وَقع على الأولى لِأَن الِاشْتِرَاك بَينهمَا فِي تَطْلِيقَة وَاحِدَة لَا يتَحَقَّق بِمَنْزِلَة قَوْله جَاءَنِي زيد