للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَحْض فَلم يكن مُوجبا لِلْكَفَّارَةِ فَأَما فِي المثقل الشُّبْهَة فِي الْفِعْل بِاعْتِبَار أَن الْآلَة لَيست بِآلَة الْقَتْل وَالْفِعْل لَا يَتَأَتَّى بِدُونِ الْآلَة فاعتبرنا هَذِه الشُّبْهَة فِي الْقصاص وَالْكَفَّارَة جَمِيعًا

وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله أَيْضا يجب سُجُود السَّهْو على من زَاد أَو نقص فِي صلَاته عمدا لِأَن وجوب السُّجُود عَلَيْهِ عِنْد السَّهْو بِاعْتِبَار تمكن النُّقْصَان فِي صلَاته وَذَلِكَ مَوْجُود فِي الْعمد وَزِيَادَة فَيثبت الحكم فِيهِ بِدلَالَة النَّص

وَقُلْنَا هَذَا الِاسْتِدْلَال فَاسد لِأَن السَّبَب الْمُوجب بِالنَّصِّ شرعا هُوَ السَّهْو على مَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لكل سَهْو سَجْدَتَانِ بعد السَّلَام والسهو يَنْعَدِم إِذا كَانَ عَامِدًا

فَهَذَا هُوَ الْمِثَال فِي بَيَان الثَّابِت بِدلَالَة النَّص

وَالنَّوْع الرَّابِع وَهُوَ الْمُقْتَضى وَهُوَ عبارَة عَن زِيَادَة على الْمَنْصُوص عَلَيْهِ يشْتَرط تَقْدِيمه ليصير المنظوم مُفِيدا أَو مُوجبا للْحكم وبدونه لَا يُمكن إِعْمَال المنظوم فَكَانَ الْمُقْتَضى مَعَ الحكم مضافين إِلَى النَّص ثابتين بِهِ الحكم بِوَاسِطَة الْمُقْتَضى بِمَنْزِلَة شِرَاء الْقَرِيب يثبت بِهِ الْملك وَالْعِتْق على أَن يَكُونَا مضافين إِلَى الشِّرَاء الْعتْق بِوَاسِطَة الْملك فَعرفنَا أَن الثَّابِت بطرِيق الِاقْتِضَاء بِمَنْزِلَة الثَّابِت بِدلَالَة النَّص لَا بِمَنْزِلَة الثَّابِت بطرِيق الْقيَاس إِلَّا أَن عِنْد الْمُعَارضَة الثَّابِت بِدلَالَة النَّص أقوى لِأَن النَّص يُوجِبهُ بِاعْتِبَار الْمَعْنى لُغَة والمقتضى لَيْسَ من موجباته لُغَة وَإِنَّمَا ثَبت شرعا للْحَاجة إِلَى إِثْبَات الحكم بِهِ وَلَا عُمُوم للمقتضى عندنَا

وَقَالَ الشَّافِعِي للمقتضى عُمُوم لِأَن الْمُقْتَضى بِمَنْزِلَة الْمَنْصُوص فِي ثُبُوت الحكم بِهِ حَتَّى كَانَ الحكم الثَّابِت بِهِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ لَا بِالْقِيَاسِ فَكَذَلِك فِي إِثْبَات صفة الْعُمُوم فِيهِ فَيجْعَل كالمنصوص

وَلَكنَّا نقُول ثُبُوت الْمُقْتَضى للْحَاجة والضرورة حَتَّى إِذا كَانَ الْمَنْصُوص مُفِيدا للْحكم بِدُونِ الْمُقْتَضى لَا يثبت الْمُقْتَضى لُغَة وَلَا شرعا وَالثَّابِت بِالْحَاجةِ يتَقَدَّر بِقَدرِهَا وَلَا حَاجَة إِلَى إِثْبَات صفة الْعُمُوم للمقتضى فَإِن الْكَلَام مُفِيد بِدُونِهِ وَهُوَ نَظِير تنَاول الْميتَة لما أُبِيح للْحَاجة تتقدر بِقَدرِهَا وَهُوَ سد الرمق وَفِيمَا وَرَاء ذَلِك من الْحمل والتمول والتناول إِلَى الشِّبَع لَا يثبت حكم الْإِبَاحَة فِيهِ بِخِلَاف الْمَنْصُوص فَإِنَّهُ عَامل بِنَفسِهِ فَيكون بِمَنْزِلَة حل الذكية يظْهر فِي حكم التَّنَاوُل وَغَيره مُطلقًا يُوضحهُ أَن الْمُقْتَضى تبع للمقتضي

<<  <  ج: ص:  >  >>