للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعَمَل بِالْقِيَاسِ فَإِنَّمَا لَا يجوزه لاحْتِمَال فِيهِ بَين أَن يكون صَوَابا أَو خطأ لَا لنَصّ يمْنَع مِنْهُ بِمَنْزِلَة الْعَمَل بِخَبَر الْفَاسِق فَإِنَّهُ لَا يعْمل بِخَبَرِهِ لضعف فِي سَنَده لَا لنَصّ فِي خَبره مَانع من الْعَمَل بِهِ وَالْأَنْصَار إِنَّمَا استدلوا بلام التَّعْرِيف الَّتِي هِيَ مستغرقة للْجِنْس أَو الْمَعْهُود فِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام المَاء من المَاء وَنحن نقُول بِهِ فِي الحكم الثَّابِت لعين المَاء وَفَائِدَة التَّخْصِيص عندنَا أَن يتَأَمَّل المستنبطون فِي عِلّة النَّص فيثبتون الحكم بهَا فِي غير الْمَنْصُوص عَلَيْهِ من الْمَوَاضِع لينالوا بِهِ دَرَجَة المستنبطين وثوابهم وَهَذَا لَا يحصل إِذا ورد النَّص عَاما متناولا للْجِنْس

ويحكى عَن الثَّلْجِي رَحمَه الله أَنه كَانَ يَقُول هَذَا إِذا لم يكن الْمَنْصُوص عَلَيْهِ باسم الْعلم محصورا بِعَدَد نصا نَحْو خبر الرِّبَا فَإِن كَانَ محصورا بِعَدَد فَذَلِك يدل على نفي الحكم فِيمَا سواهَا لِأَن فِي إِثْبَات الحكم فِيمَا سواهَا إبِْطَال الْعدَد الْمَنْصُوص وَذَلِكَ لَا يجوز فبهذه الْوَاسِطَة يكون مُوجبا للنَّفْي

وَاسْتدلَّ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خمس فواسق يقتلن فِي الْحل وَالْحرم وَبِقَوْلِهِ أحلّت لنا ميتَتَانِ وَدَمَانِ فَإِن ذَلِك يدل على نفي الحكم فِيمَا عدا الْمَذْكُور

وَالصَّحِيح أَن التَّنْصِيص لَا يدل على ذَلِك فِي شَيْء من الْمَوَاضِع لما بَينا من الْمعَانِي

ثمَّ ذكر الْعدَد لبَيَان الحكم بِالنَّصِّ ثَابت فِي الْعدَد الْمَذْكُور فَقَط وَقد بَينا أَن فِي غير الْمَذْكُور إِنَّمَا يثبت الحكم بعلة النَّص لَا بِالنَّصِّ فَلَا يُوجب ذَلِك إبِْطَال الْعدَد الْمَنْصُوص

وَمِنْهَا مَا قَالَه الشَّافِعِي رَحمَه الله إِن التَّنْصِيص على وصف فِي الْمُسَمّى لإِيجَاب الحكم يُوجب نفي ذَلِك الحكم عِنْد عدم ذَلِك الْوَصْف بِمَنْزِلَة مَا لَو نَص على نفي الحكم عِنْد عدم الْوَصْف

وَعِنْدنَا النَّص مُوجب للْحكم عِنْد وجود ذَلِك الْوَصْف وَلَا يُوجب نفي ذَلِك الحكم عِنْد انعدامه أصلا

وَبَيَان هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى {من فَتَيَاتكُم الْمُؤْمِنَات} فَإِن عِنْده إِبَاحَة نِكَاح الْأمة (لما كَانَ مُقَيّدا بِصفة الْإِيمَان بِالنَّصِّ أوجب النَّفْي بِدُونِ هَذَا الْوَصْف فَلَا يجوز نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة وَعِنْدنَا لَا يُوجب ذَلِك وَلِهَذَا جَوَّزنَا نِكَاح الْأمة) الْكِتَابِيَّة وَقَالَ تَعَالَى {من نِسَائِكُم اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهن} فَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله لما ورد حُرْمَة الربيبة بِسَبَب الدُّخُول بِامْرَأَة مُقَيّدَة بِوَصْف وَهِي أَن تكون من نِسَائِهِ أوجب ذَلِك نفي الْحُرْمَة عِنْد عدم

<<  <  ج: ص:  >  >>