لَا يثبت نفيا وَلَا إِيجَابا بالتهمة بل بِالْحجَّةِ الْمَعْلُومَة
وَأَبُو حنيفَة رَحمَه الله يَقُول كَمَا تحْتَمل هَذِه الزِّيَادَة مَا قَالَا تحْتَمل الْمُبَالغَة فِي التَّحَرُّز عَن الْكَذِب بِاعْتِبَار أَنَّهُمَا تفحصا فِي ذَلِك الْموضع دون سَائِر الْمَوَاضِع وَيحْتَمل تَحْقِيق الْمُبَالغَة فِي نفي وَارِث آخر أَي لَا نعلم لَهُ وَارِثا آخر فِي مَوضِع كَذَا مَعَ أَنه مولده ومنشؤه فأحرى أَن لَا يكون لَهُ وَارِث آخر فِي مَوضِع آخر وبمثل هَذَا الْمُحْتَمل لَا تتمكن التُّهْمَة وَلَا يمْنَع الْعَمَل بِشَهَادَتِهِمَا
وَمِنْهَا أَن الحكم مَتى تعلق بِشَرْط بِالنَّصِّ فَعِنْدَ الشَّافِعِي رَحمَه الله ذَلِك النَّص يُوجب انعدام الحكم عِنْد انعدام الشَّرْط كَمَا يُوجب وجود الحكم عِنْد وجود الشَّرْط وَعِنْدنَا لَا يُوجب النَّص ذَلِك بل يُوجب ثُبُوت الحكم عِنْد وجود الشَّرْط فَأَما انعدام الحكم عِنْد عدم الشَّرْط فَهُوَ بَاقٍ على مَا كَانَ قبل التَّعْلِيق
وَبَيَان هَذَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَمن لم يسْتَطع مِنْكُم طولا أَن ينْكح الْمُحْصنَات الْمُؤْمِنَات} الْآيَة فَإِن النَّص لما ورد بِحل نِكَاح الْأمة مُعَلّقا بِشَرْط عدم طول الْحرَّة جعل الشَّافِعِي ذَلِك كالتنصيص على حُرْمَة نِكَاح الْأمة عِنْد وجود طول الْحرَّة
وَعِنْدنَا النَّص لَا يُوجب ذَلِك وَلَكِن الحكم بعد هَذَا النَّص عِنْد وجود طول الْحرَّة على مَا كَانَ عَلَيْهِ أَن لَو لم يرد هَذَا النَّص وَقَالَ تَعَالَى {ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب أَن تشهد أَربع شَهَادَات بِاللَّه} قَالَ الشَّافِعِي لما تعلق بِالنَّصِّ دَرْء الْعَذَاب عَنْهَا بِشَرْط أَن تَأتي بِكَلِمَات اللّعان كَانَ ذَلِك تنصيصا على إِقَامَة الْحَد عَلَيْهَا إِذا لم تأت بِكَلِمَات اللّعان
وَجه قَول الشَّافِعِي أَن التَّعْلِيق بِالشّرطِ يُؤثر فِي الحكم دون السَّبَب على اعْتِبَار أَنه لَوْلَا التَّعْلِيق لَكَانَ الحكم ثَابتا فَإِن قَوْله لعَبْدِهِ أَنْت حر مُوجب عتقه فِي الْحَال لَوْلَا قَوْله إِن دخلت الدَّار فبالتعليق يتَأَخَّر نزُول الْعتْق وَلَا يَنْعَدِم أصل السَّبَب
وَبِهَذَا تبين أَن التَّعْلِيق كَمَا يُوجب الحكم عِنْد وجود الشَّرْط يُوجب نفي الحكم قبل وجود الشَّرْط بِمَنْزِلَة التَّأْجِيل وبمنزلة خِيَار الشَّرْط فِي البيع فَإِنَّهُ يدْخل على الحكم دون السَّبَب حَتَّى يتَأَخَّر الحكم إِلَى سُقُوط الْخِيَار مَعَ قيام السَّبَب وَهُوَ نَظِير التَّعْلِيق الْحسي فَإِن تَعْلِيق الْقنْدِيل بِحَبل من