وَلَو قَالَ لأمته إِن دخلت الدَّار فَأَنت حرَّة ثمَّ أعْتقهَا لم يبطل التَّعْلِيق حَتَّى إِذا ارْتَدَّت وَلَحِقت بدار الْحَرْب فسبيت وملكها ثمَّ دخلت الدَّار عتقت قَالَ لِأَن التَّعْلِيق بِالشّرطِ يمْنَع الْوُصُول إِلَى الْمحل والمتعلق بِالشّرطِ لَا يكون طَلَاقا وَلَا سَببا للطَّلَاق قبل وجود الشَّرْط وَاشْتِرَاط الْمَحَلِّيَّة لتَمام السَّبَب وَثُبُوت الحكم عِنْد الْوُصُول إِلَيْهِ بِمَنْزِلَة اشْتِرَاط الْملك فَكَمَا لَا يبطل التَّعْلِيق بعد صِحَّته بانعدام الْملك فِي الْمحل بِأَن بَاعَ العَبْد أَو أبان الْمَرْأَة وَانْقَضَت عدتهَا فَكَذَلِك لَا يبطل بانعدام الْمَحَلِّيَّة وَهَذَا لِأَن توهم الْمَحَلِّيَّة عِنْد وجود الشَّرْط قَائِم كتوهم الْملك وَإِذا كَانَ يَصح ابْتِدَاء التَّعْلِيق بِاعْتِبَار توهم الْملك عِنْد وجود الشَّرْط فِي هَذِه الْيَمين لِأَن الْملك الْمَوْجُود عِنْد التَّعْلِيق متوهم الْبَقَاء عِنْد وجود الشَّرْط لَا مُتَيَقن الْبَقَاء فَلِأَن يبْقى التَّعْلِيق صَحِيحا بِاعْتِبَار هَذَا التَّوَهُّم كَانَ أولى أَلا ترى أَن التَّعْلِيق بِالْملكِ يبْقى بِاعْتِبَار هَذَا الْمَعْنى حَتَّى إِذا قَالَ لأجنبية كلما تَزَوَّجتك فَأَنت طَالِق ثَلَاثًا فَتَزَوجهَا وَطلقت ثَلَاثًا ثمَّ تزَوجهَا ثَانِيًا بعد زوج تطلق أَيْضا
وَلَكنَّا نقُول بانعدام الْمحل يبطل التَّعْلِيق لِأَن صِحَة التَّعْلِيق بِاعْتِبَار الْمَحْلُوف بِهِ وَهُوَ مَا يصير طَلَاقا عِنْد وجود الشَّرْط وَلَا تصور لذَلِك بِدُونِ الْمحل وبالتطليقات الثَّلَاث تحقق فَوَات الْمحل لِأَن الحكم الْأَصْلِيّ للطَّلَاق زَوَال صفة الْحل عَن الْمحل وَلَا تصور لذَلِك بعد حُرْمَة الْمحل بالتطليقات الثَّلَاث فلانعدام الْمَحْلُوف بِهِ من هَذَا الْوَجْه يبطل التَّعْلِيق لَا لِأَن الْمُتَعَلّق بِالشّرطِ تَطْلِيقَات ذَلِك الْملك
وَتَحْقِيق هَذَا أَنه لَا بُد لصِحَّة التَّعْلِيق من الْمحل (أَيْضا) حَتَّى لَا يَصح التَّعْلِيق بِالْعِتْقِ مُضَافا إِلَى الْبَهِيمَة إِلَّا أَن قيام الْملك فِي الْمحل لَا يشْتَرط لِأَن التَّعْلِيق بِالشّرطِ لَيْسَ هُوَ الطَّلَاق الْمَمْلُوك وَإِذا كَانَت صِحَة التَّعْلِيق تستدعي الْمحل لم يبْق صَحِيحا بعد فَوَات الْمحل لِأَن فِيمَا يرجع إِلَى الْمحل الْبَقَاء بِمَنْزِلَة الِابْتِدَاء وتوهم الْمَحَلِّيَّة على الْوَجْه الَّذِي قَالَ لَا يعْتَبر لصِحَّة التَّعْلِيق فِي الِابْتِدَاء فَإِنَّهُ لَو قَالَ لأجنبية إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق أَو قَالَ ذَلِك للمطلقة ثَلَاثًا لم يَصح التَّعْلِيق وَإِن كَانَ يتَوَهَّم الْملك والمحلية عِنْد وجود الشَّرْط فَإِذا لم يعْتَبر ذَلِك لصِحَّة التَّعْلِيق فِي الِابْتِدَاء لَا يعْتَبر لبَقَائه صَحِيحا بِخِلَاف مَا إِذا صرح بِالْإِضَافَة إِلَى الْملك فَإِن اعْتِبَار ذَلِك التَّعْلِيق بالتيقن بِالْملكِ والمحلية عِنْد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute