ثمَّ قد بَينا أَن التَّفَاوُت يظْهر عِنْد الْمُقَابلَة فَإِذا لم يكن وَرَاء الْقسم الأول حد آخر عرفنَا أَن الثَّابِت بِهِ علم ضَرُورَة وَلما كَانَ وَرَاء الْقسم الثَّانِي حد آخر عرفنَا أَن الثَّابِت بِهِ علم طمأنينة
وَلَكِن مَعَ هَذَا تجوز الزِّيَادَة على النَّص بِهَذَا النَّوْع من الْأَخْبَار لِأَن الْعلمَاء لما تَلَقَّتْهُ بِالْقبُولِ وَالْعَمَل بِهِ كَانَ دَلِيلا مُوجبا فَإِن الْإِجْمَاع من الْعَصْر الثَّانِي وَالثَّالِث دَلِيل مُوجب شرعا فَلهَذَا جَوَّزنَا بِهِ الزِّيَادَة على النَّص وَلَكِن مَعَ هَذَا بَقِي فِيهِ شُبْهَة توهم الِانْفِصَال فَلَا يكفر جاحده وَمَا هَذَا إِلَّا نَظِير مَا تقدم بَيَانه فَإِن الْعلم بِكَوْن الْمَسِيح عَلَيْهِ السَّلَام مَبْعُوثًا إِلَى بني إِسْرَائِيل ثَابت بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتر أصلا وفرعا على وَجه لم يبْق فِيهِ توهم الشُّبْهَة لأحد ثمَّ بنقلهم الْمُتَوَاتر أَنه قتل أَو صلب لَا يثبت الْعلم لِأَن ذَلِك آحَاد الأَصْل متواتر الْفَرْع كَمَا قَررنَا
وَهَذَا الَّذِي قَالَه صَحِيح بِنَاؤُه على تلقي الْعلمَاء إِيَّاه بِالْقبُولِ ثمَّ الْعَمَل بِمُوجبِه فَإِن خبر الرَّجْم اتّفق عَلَيْهِ الْعلمَاء من الصَّدْر الأول وَالثَّانِي وَإِنَّمَا خَالف فِيهِ الْخَوَارِج وخلافهم لَا يكون قدحا فِي الْإِجْمَاع وَلِهَذَا قَالَ يضلل جاحده
فَأَما خبر الْمسْح فَفِيهِ شُبْهَة الِاخْتِلَاف فِي الصَّدْر الأول فَإِن عَائِشَة وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم كَانَا يَقُولَانِ سلوا هَؤُلَاءِ الَّذين يرَوْنَ الْمسْح هَل مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد سُورَة الْمَائِدَة وَالله مَا مسح رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد سُورَة الْمَائِدَة وَقد