بِجَوَاز بيع الدِّرْهَم بِالدِّرْهَمَيْنِ لم ينفذ قَضَاؤُهُ لِأَنَّهُ مُخَالف للْإِجْمَاع
وَالدَّلِيل على صِحَة هَذَا القَوْل قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام يَد الله مَعَ الْجَمَاعَة فَمن شَذَّ شَذَّ فِي النَّار
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْكُم بِالسَّوَادِ الْأَعْظَم يَعْنِي مَا عَلَيْهِ عَامَّة الْمُؤمنِينَ فَفِي هَذَا إِشَارَة إِلَى أَن قَول الْوَاحِد لَا يُعَارض قَول الْجَمَاعَة ولأنا لَو شرطنا هَذَا أدّى إِلَى أَن لَا ينْعَقد الْإِجْمَاع أبدا لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يكون فِي عُلَمَاء الْعَصْر وَاحِد أَو اثْنَان مِمَّن لم يسمع ذَلِك الْفَتْوَى أصلا وَمِمَّنْ يرى خلاف ذَلِك
وَإِنَّمَا كَانَ الْإِجْمَاع حجَّة بِاعْتِبَار ظُهُور وَجه الصَّوَاب فِيهِ بالاجتماع عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يظْهر هَذَا فِي قَول الْجَمَاعَة لَا فِي قَول الْوَاحِد أَلا ترى أَن قَول الْوَاحِد لَا يكون مُوجبا للْعلم وَإِن لم يكن بمقابلته جمَاعَة يخالفونه وَقَول الْجَمَاعَة مُوجب للْعلم إِذا لم يكن هُنَاكَ وَاحِد يخالفهم فَكَذَلِك مَعَ وجود هَذَا الْوَاحِد لِأَن قَوْله لَا يُعَارض قَوْلهم بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ على كل قَول جمَاعَة فهناك الْمُعَارضَة تتَحَقَّق وَالْمرَاد من قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ إِذا لم يكن هُنَاكَ دَلِيل مُوجبا للْعلم بِخِلَاف قَول من يَهْتَدِي بِهِ أَلا ترى أَنه إِذا كَانَ هُنَاكَ نَص بِخِلَاف قَول الْوَاحِد لم يجز اتِّبَاعه وَلم يكن هَذَا الحَدِيث متناولا لَهُ
وَحكي عَن أبي حَازِم القَاضِي رَحمَه الله أَن الْخُلَفَاء الرَّاشِدين إِذا اتَّفقُوا على شَيْء فَذَلِك إِجْمَاع مُوجب للْعلم وَلَا يعْتد بِخِلَاف من خالفهم فِي ذَلِك لقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام عَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين من بعدِي عضوا عَلَيْهَا بالنواجذ وَلِهَذَا لم يعْتَبر خلاف زيد للخلفاء فِي تَوْرِيث ذَوي الْأَرْحَام وَأمر المعتصم برد الْأَمْوَال الَّتِي اجْتمعت فِي بَيت المَال مِمَّا أخذت من تركات فِيهَا ذَوُو الْأَرْحَام فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهِ أَبُو سعيد البردعي رَحمَه الله وَقَالَ هَذَا شَيْء أمضى على قَول زيد فَقَالَ لَا أَعْتَد خلاف زيد فِي مُقَابلَة قَول الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَقد قضيت بذلك فَلَيْسَ لأحد أَن يُبطلهُ بعدِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute