لِأَنَّهُ لما صَار وَاجِبا بنذره لم يبْق نفلا فِي حَقه فَأَما إِذا نوى وَاجِبا آخر كَانَ عَن ذَلِك الْوَاجِب لِأَن الْمَشْرُوع فِي الْوَقْت قبل نَذره كَانَ صَالحا لأَدَاء وَاجِب آخر بِهِ إِذا صرفه إِلَيْهِ بعزمه وَتلك الصلاحية لَا تنعدم بنذره لِأَن تصرف النَّاذِر صَحِيح فِي مَحل حَقه وَذَلِكَ فِي جعل مَا كَانَ مَشْرُوعا لَهُ نفلا وَاجِبا بنذره فَأَما نفي الصلاحية فَلَيْسَ من حَقه فِي شَيْء فَلَا يعْتَبر تصرفه فِيهِ وَإِذا بقيت الصلاحية تأدي الْوَاجِب الآخر بِهِ عِنْد عزمه بِخِلَاف شهر رَمَضَان فقد انْتَفَى فِيهِ صَلَاحِية الْإِمْسَاك لأَدَاء صَوْم آخر سوى الْفَرْض شرعا فتلغو نِيَّته لواجب آخر كَمَا تلغو نِيَّة النَّفْل
وَقَالَ الشَّافِعِي صرف الْإِمْسَاك الَّذِي يتَصَوَّر مِنْهُ فِي نَهَار رَمَضَان إِلَى صَوْم الْفَرْض مُسْتَحقّ عَلَيْهِ من أول النَّهَار إِلَى آخِره وَلَا يتَحَقَّق هَذَا الصّرْف إِلَّا بعزيمته فَإِذا انعدمت الْعَزِيمَة فِي أول النَّهَار لم يكن ذَلِك الْجُزْء مصروفا إِلَى الصَّوْم وَهُوَ بالعزيمة بعد ذَلِك إِنَّمَا يكون صارفا لما بَقِي لَا لما مضى وَالصَّوْم مِنْهُ لَا يتَحَقَّق فِيمَا مضى وَلِهَذَا لَو نوى بعد الزَّوَال لَا يَصح وَلَا صِحَة لما بَقِي بِدُونِ مَا مضى أَلا ترى أَن الْأَهْلِيَّة لأَدَاء الْفَرَائِض تشرط من أول النَّهَار إِلَى آخِره فرجحت الْمُفْسد على الْمُصَحح إِذا انعدمت النِّيَّة فِي أول النَّهَار أخذا بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَة بِخِلَاف النَّفْل فَهُوَ غير مُقَدّر شرعا وأداؤه موكول إِلَى نشاطه فيتأدى بِقدر مَا يُؤَدِّيه مَعَ أَن هُنَاكَ لَو رجحنا الْمُفْسد فَاتَهُ الْأَدَاء لَا إِلَى خلف فرجحنا الْمُصَحح لكيلا يفوتهُ أصلا وَهَهُنَا يفوتهُ الْأَدَاء إِلَى خلف وَهَذَا بِخِلَاف مَا إِذا قدم النِّيَّة فَإِن مَا تقدم مِنْهُ من الْعَزِيمَة يكون قَائِما حكما إِذا جَاءَ وَقت الْأَدَاء وَفِي هَذَا الْمَعْنى أَوله وَآخره سَوَاء فتقترن الْعَزِيمَة بأَدَاء الْكل حكما أَلا ترى أَن صَوْم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute