للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَهَيْئَتِهِمْ وَجوز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صلَاتهم لِأَن ذَلِك كَانَ قبل الْعلم بِالنَّصِّ النَّاسِخ وَابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا كَانَ يَقُول بِإِبَاحَة الْمُتْعَة ثمَّ رَجَعَ إِلَى قَول الصَّحَابَة وَيثبت الْإِجْمَاع بِرُجُوعِهِ لَا محَالة وَلم يكن ذَلِك مُوجبا تضليله فِيمَا كَانَ يُفْتِي بِهِ قبل هَذَا

فَأَما مَا إِذا قَالَ لامْرَأَته أَنْت خلية فَإِنَّمَا أسقطنا الْحَد هُنَاكَ بِالْوَطْءِ لَا لِأَن اتِّفَاق أهل الْعَصْر بعد الْخلاف لَيْسَ بِإِجْمَاع وَلَكِن للشُّبْهَة المتمكنة فِي هَذَا الْإِجْمَاع بِسَبَب اخْتِلَاف الْعلمَاء فَإِن الْحَد يسْقط بِأَدْنَى شُبْهَة وَالله أعلم بِالْحَقِيقَةِ

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَاب الْكَلَام فِي قبُول أَخْبَار الْآحَاد وَالْعَمَل بهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ فُقَهَاء الْأَمْصَار رَحِمهم الله خبر الْوَاحِد الْعدْل حجَّة للْعَمَل بِهِ فِي أَمر الدّين وَلَا يثبت بِهِ علم الْيَقِين

وَقَالَ بعض من لَا يعْتد بقوله خبر الْوَاحِد لَا يكون حجَّة فِي الدّين أصلا

وَقَالَ بعض أهل الحَدِيث يثبت بِخَبَر الْوَاحِد علم الْيَقِين مِنْهُم من اعْتبر فِيهِ عدد الشَّهَادَة ليَكُون حجَّة وَمِنْهُم من اعْتبر أقْصَى عدد الشَّهَادَة وَهُوَ الْأَرْبَعَة

فَأَما الْفَرِيق الأول استدلوا بقوله تَعَالَى {وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم} وَإِذا كَانَ خبر الْوَاحِد لَا يُوجب الْعلم لم يجز اتِّبَاعه وَالْعَمَل بِهِ بِهَذَا الظَّاهِر وَقَالَ تَعَالَى {وَلَا تَقولُوا على الله إِلَّا الْحق} وَخبر الْوَاحِد إِذا لم يكن مَعْصُوما عَن الْكَذِب (مُحْتَمل للكذب) والغلط فَلَا يكون حَقًا على الْإِطْلَاق وَلَا يجوز القَوْل بِإِيجَاب الْعَمَل بِهِ فِي الدّين وَقَالَ تَعَالَى {إِلَّا من شهد بِالْحَقِّ وهم يعلمُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {وَإِن الظَّن لَا يُغني من الْحق شَيْئا} وَمعنى الصدْق فِي خبر الْوَاحِد غير ثَابت إِلَّا بطرِيق الظَّن وَلِأَن خبر الْوَاحِد مُحْتَمل للصدق وَالْكذب وَالنَّص الَّذِي هُوَ مُحْتَمل لَا يكون مُوجبا للْعَمَل بِنَفسِهِ مَعَ أَن كل وَاحِد من المحتملين فِيهِ يجوز أَن يكون شرعا فَلِأَن لَا يجوز الْعَمَل بِمَا هُوَ مُحْتَمل للكذب وَالْكذب بَاطِل أصلا كَانَ أولى

وَلَا يدْخل على مَا ذكرنَا أُمُور الْمُعَامَلَات لِأَن الَّذِي يَتَرَتَّب عَلَيْهَا حُقُوق الْعباد

<<  <  ج: ص:  >  >>