حَضرته وَكَذَلِكَ المخدرات فِي بُيُوتهنَّ لم يحضرن مَجْلِسه فِي كل حَادِثَة وَلَكِن أَزوَاجهنَّ كَانُوا يسمعُونَ أَحْكَام الدّين من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيرجعون إلَيْهِنَّ ويعلمونهن فَلَو لم يكن خبر الْوَاحِد حجَّة لكلفهن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْإِتْيَان إِلَيْهِ للسماع مِنْهُ وَلَو فعل ذَلِك لاشتهر وَلَا يُقَال إِنَّمَا اكْتفى بذلك لِأَن من بَعثه رَسُول الله معلما إِلَى قوم لَا يَقُول لَهُم إِلَّا مَا هُوَ حق صدق فَكَانَ ذَلِك كَرَامَة لرَسُول الله وَلَا يُوجد مثل ذَلِك فِي حق غَيرهم من المخبرين لِأَنَّهُ لَو كَانَ بِهَذِهِ الصّفة لنقل هَذَا السَّبَب كَرَامَة لَهُم ولأعقابهم أَلا ترى أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين خص وَاحِدًا من الصَّحَابَة بِشَيْء اشْتهر ذَلِك بِالنَّقْلِ نَحْو قَوْله فِي حَنْظَلَة رَضِي الله عَنهُ إِن الْمَلَائِكَة غسلته وَفِي جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ إِن لَهُ جناحين يطير بهما فِي الْجنَّة
ثمَّ كَمَا أَن من بَعثه رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام خَلِيفَته فِي التَّبْلِيغ فَكل من سمع شَيْئا فِي أَمر الدّين فَهُوَ خَلِيفَته فِي التَّبْلِيغ مَأْمُور من جِهَته بِالْبَيَانِ كالمبعوث لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَلا فليبلغ الشَّاهِد الْغَائِب وَلقَوْله عَلَيْهِ السَّلَام نضر الله امْرأ سمع منا مقَالَة فوعاها كَمَا سَمعهَا ثمَّ أَدَّاهَا إِلَى من يسْمعهَا فَرب حَامِل فقه إِلَى غير فَقِيه وَرب حَامِل فقه إِلَى مَا هُوَ أفقه مِنْهُ فَيَنْبَغِي أَن يثبت ترجح جَانب الصدْق فِي خبر كل عدل أَيْضا كَرَامَة لرَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام
وَفِي قَوْله (فَرب حَامِل فقه) بَيَان أَن مَا يخبر بِهِ الْوَاحِد فقه وَالْفِقْه فِي الدّين مَا يكون حجَّة ولأنا نعلم أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ يَأْكُل الطَّعَام وَمَا كَانَ يزرع بِنَفسِهِ ليتيقن بِصفة الْحل فِيمَا يَأْكُلهُ وَقد كَانَ مَأْمُورا بِأَكْل الطّيب قَالَ تَعَالَى {يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات} وَرُبمَا كَانَ يهدي إِلَيْهِ على مَا رُوِيَ أَن سلمَان رَضِي الله عَنهُ أهدي إِلَيْهِ طبقًا من رطب وَأَن بَرِيرَة رَضِي الله عَنْهَا كَانَت تهدي إِلَيْهِ وَكَانَ يدعى إِلَى طَعَام فَلَو لم يكن خبر الْوَاحِد حجَّة للْعَمَل بِهِ فِي حق الله تَعَالَى لما اعْتمد ذَلِك فِيمَا يَأْكُلهُ وَلَا يُقَال كَانَ يعلم من طَرِيق الْوَحْي حل مَا يتَنَاوَلهُ لِأَنَّهُ مَا كَانَ منتظر الْوَحْي عِنْد أكله أَلا ترى أَنه تنَاول لقْمَة من الشَّاة المصلية