للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتَبَيَّن عوار المبطلين وَالله ولي الْمُتَّقِينَ

فَأَما خبر الْمخبر بِالْمَوْتِ إِنَّمَا يُوجب سُكُون النَّفس وطمأنينة الْقلب أَلا ترى أَنه إِذا شككه آخر بقوله اختفى صَاحب الدَّار من السُّلْطَان فأظهر هَذَا تشكك فِيهِ وَلَو كَانَ الثَّابِت لَهُ علما ضَرُورِيًّا لما تشكك فِيهِ بِخَبَر الْوَاحِد

وَأما من شَرط عدد الشَّهَادَة اسْتدلَّ فِيهِ بالنصوص الْوَارِدَة فِي بَاب الشَّهَادَات فَإِن الشَّرْع اعْتبر ذَلِك لثُبُوت الْعلم على وَجه يجب الْعَمَل بِهِ فَعرفنَا أَن بِدُونِ ذَلِك لَا يثبت الْعلم على وَجه يجب الْعَمَل بِهِ فِي خبر متميل بَين الصدْق وَالْكذب

وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ حِين شهد عِنْده الْمُغيرَة بن شُعْبَة رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أطْعم الْجدّة السُّدس قَالَ ائْتِ بِشَاهِد آخر فَشهد مَعَه مُحَمَّد بن مسلمة رَضِي الله عَنهُ وَلما روى أَبُو مُوسَى لعمر خبر الاسْتِئْذَان فَقَالَ ائْتِ بِشَاهِد آخر فَشهد مَعَه أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنْهُم

وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث فَاطِمَة بنت قيس رَضِي الله عَنْهَا لَا نَدع كتاب رَبنَا وَلَا سنة نَبينَا لقَوْل امْرَأَة لَا نَدْرِي أصدقت أم كذبت

وَقَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي حَدِيث أبي سِنَان الْأَشْجَعِيّ رَضِي الله عَنهُ فِي مهر الْمثل مَاذَا نصْنَع بقول أَعْرَابِي بوال على عقبه فِي هَذَا بَيَان أَنهم كَانُوا لَا يقبلُونَ خبر الْوَاحِد وَكَانُوا يعتبرون لطمأنينة الْقلب عدد الشَّهَادَة كَمَا كَانُوا يعتبرون لذَلِك صفة الْعَدَالَة وَمن بَالغ فِي الِاحْتِيَاط فقد اعْتبر أقْصَى عدد الشَّهَادَة لِأَن مَا دون ذَلِك مُحْتَمل وَتَمام الرجحان عِنْد انْقِطَاع الِاحْتِمَال بِحَسب الْإِمْكَان

وَلَكنَّا نستدل بقوله تَعَالَى {كُنْتُم خير أمة أخرجت للنَّاس تأمرون بِالْمَعْرُوفِ وتنهون عَن الْمُنكر} وَمَعْلُوم أَن هَذَا النَّعْت لكل مُؤمن فَهُوَ تنصيص على أَن قَول كل مُؤمن فِي بَاب الدّين يكون أمرا بِالْمَعْرُوفِ ونهيا عَن الْمُنكر وَإِنَّمَا يكون كَذَلِك إِذا كَانَ يجب الْعَمَل بِمَا يَأْمر بِهِ من الْمَعْرُوف فاشتراط الْعدَد فِي الْأَمريْنِ يكون زِيَادَة

وَجَمِيع مَا ذكرنَا حجَّة على هَؤُلَاءِ وَلَا حجَّة لَهُم فِي شَيْء مِمَّا ذكرُوا فَإِن هَذِه الْآثَار إِنَّمَا تكون حجَّة لَهُم إِذا أثبتوا النَّقْل فِيهَا من اثْنَيْنِ عَن اثْنَيْنِ حَتَّى اتَّصل بهم لِأَن

<<  <  ج: ص:  >  >>