للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القربان فِي هَذَا الْيَوْم وَإِلَّا حسن أَن يكون أول مَا يتَنَاوَل مِنْهُ الضَّيْف طَعَام الضِّيَافَة وَلِهَذَا ثَبت هَذَا الحكم فِي حق أهل الْأَمْصَار دون أهل السوَاد فَلهم حق التَّضْحِيَة بعد طُلُوع الْفجْر وَلَيْسَ لأهل الْمصر أَن يضحوا إِلَّا بعد الصَّلَاة

وَمن هَذَا الْجِنْس صَوْم الْكَفَّارَة وَالْقَضَاء فالوقت معيار لَهُ على معنى أَن مِقْدَاره يعرف بِهِ وَلكنه لَيْسَ بِسَبَب لوُجُوبه بِخِلَاف صَوْم رَمَضَان فالوقت هُنَاكَ معيار وَسبب الْوُجُوب على مَا نبينه فِي بَابه وَلِهَذَا لَا يتَحَقَّق قَضَاء صَوْم يَوْمَيْنِ فِي يَوْم وَاحِد وَأَدَاء كفارتين بِالصَّوْمِ فِي شَهْرَيْن لِأَن الْوَقْت معيار بِمَنْزِلَة الْكَيْل للمكيل فَكَمَا لَا يتَحَقَّق قفيزان فِي قفيز وَاحِد فِي حَالَة وَاحِدَة لَا يتَحَقَّق صَوْم يَوْمَيْنِ فِي يَوْم وَاحِد

وَمن حكم هَذَا النَّوْع أَنه لَا يتَأَدَّى بِدُونِ الْعَزِيمَة مِنْهُ على الْأَدَاء فِي جَمِيع الْوَقْت وَأَنه لَا يتَحَقَّق الْفَوات فِيهِ مَا بَقِي حَيا وَقد قَررنَا هَذَا فِيمَا سبق

وَأما الْقسم الثَّالِث وَهُوَ الْمُشكل فوقت الْحَج وَبَيَان الْإِشْكَال فِيهِ أَن الْحَج عبَادَة تتأدى بأركان مَعْلُومَة وَلَا يسْتَغْرق الْأَدَاء جَمِيع الْوَقْت فَمن هَذَا الْوَجْه (يشبه الصَّلَاة وَلَا يتَصَوَّر من الْأَدَاء فِي الْوَقْت فِي سنة وَاحِدَة إِلَّا حجَّة وَاحِدَة فَمن هَذَا الْوَجْه) يشبه الصَّوْم الَّذِي يكون الْوَقْت معيارا لَهُ وَفِي وقته اشْتِبَاه أَيْضا فالحج فرض الْعُمر وَوَقته أشهر الْحَج من سنة من سني الْعُمر وَأشهر الْحَج من السّنة الأولى تتَعَيَّن على وَجه لَا تفضل عَن الْأَدَاء وَبِاعْتِبَار أشهر الْحَج من السنين الَّتِي يَأْتِيهَا الْوَقْت تفضل عَن الْأَدَاء وَكَون ذَلِك من عمره مُحْتَمل فِي نَفسه فَكَانَ مشتبها ثمَّ يَتَرَتَّب على مَا قُلْنَا حكمان صِحَة الْأَدَاء بِاعْتِبَار الْوَقْت وَوُجُوب التَّعْجِيل بِكَوْن الْوَقْت مُتَعَيّنا وَفِي أحد الْحكمَيْنِ اتِّفَاق حَتَّى إِنَّه يكون مُؤديا فِي أَي سنة أَدَّاهُ للتيقن بِكَوْن ذَلِك من عمره ولاتساع الْوَقْت بإدراكه وَفِي الحكم الثَّانِي اخْتِلَاف فَعِنْدَ أبي يُوسُف رَحمَه الله الْوَقْت مُتَعَيّن قبل إِدْرَاك السّنة الثَّانِيَة فَلَا يَسعهُ التَّأْخِير وَعند مُحَمَّد رَحمَه الله الْوَقْت غير مُتَعَيّن مَا بَقِي حَيا فيسعه التَّأْخِير بِشَرْط أَن لَا يفوتهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>