وعَلى هَذَا أثبتنا الْمُعَارضَة فِي حَدِيث نِكَاح مَيْمُونَة لِأَن الْمخبر بِأَنَّهُ كَانَ محرما اعْتمد دَلِيلا والمخبر بِأَنَّهُ كَانَ حَلَالا اعْتمد أَيْضا فِي خَبره الدَّلِيل الْمُوجب لَهُ فَإِن هَيْئَة الْمحرم ظَاهرا يُخَالف هَيْئَة الْحَلَال فتتحقق الْمُعَارضَة من هَذَا الْوَجْه وَيجب الْمصير إِلَى طلب التَّرْجِيح من جِهَة إتقان الرَّاوِي لما تعذر التَّرْجِيح من نفس الْحجَّة فأخذنا بِرِوَايَة ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا لِأَنَّهُ روى الْقِصَّة على وَجههَا وَذَلِكَ دَلِيل إتقانه وَلِأَن يزِيد بن الْأَصَم لَا يعادله فِي الضَّبْط والاتقان
وَحَدِيث رد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زَيْنَب على أبي الْعَاصِ رجحنا فِيهِ الْمُثبت للنِّكَاح الْجَدِيد لِأَن من نفى ذَلِك فَهُوَ لم يعْتَمد فِي نَفْيه دَلِيلا مُوجبا الْعلم بِهِ بل عدم الدَّلِيل للإثبات وَهُوَ مُشَاهدَة النِّكَاح الْجَدِيد فتبنى رِوَايَته على اسْتِصْحَاب الْحَال وَهُوَ أَنه عرف النِّكَاح بَينهمَا فِيمَا مضى وَشَاهد ردهَا عَلَيْهِ فروى أَنه ردهَا بِالنِّكَاحِ الأول
وَفِي حَدِيث بَرِيرَة رجحنا الْخَبَر الْمُثبت لحرية الزَّوْج عِنْد عتقهَا لِأَن من يروي أَنه كَانَ عبدا فَهُوَ لم يعْتَمد فِي خَبره دَلِيلا مُوجبا لنفي الْحُرِّيَّة وَلَكِن بنى خَبره على اسْتِصْحَاب الْحَال لعدم علمه بِدَلِيل الْمُثبت للحرية فَلهَذَا رجحنا الْمُثبت
وَمن هَذَا النَّوْع رِوَايَة أنس رَضِي الله عَنهُ أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ قَارنا فِي حجَّة الْوَدَاع وَرِوَايَة جَابر رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ مُفردا بِالْحَجِّ فَإنَّا رجحنا خبر الْمُثبت للقران لِأَن من روى الْإِفْرَاد