إِحْدَى العبارتين مَكَان الْأُخْرَى مجَازًا جَائِز وَإِنَّمَا سمي الْمَسْبُوق قَاضِيا مجَازًا لما فِي فعله من إِسْقَاط الْوَاجِب أَو سَمَّاهُ قَاضِيا بِاعْتِبَار حَال الإِمَام وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي قَوْله وَمَا فاتكم فاقضوا وَنحن إِنَّمَا نجعله مُؤديا أَدَاء قاصرا بِاعْتِبَار حَاله وعَلى هَذَا الأَصْل قُلْنَا لَو أَن مُسَافِرًا اقْتدى بمسافر ونام خَلفه ثمَّ اسْتَيْقَظَ وَنوى الْإِقَامَة وَهُوَ فِي مَوضِع الْإِقَامَة أَو سبقه الْحَدث فَرجع إِلَى مصره وَتَوَضَّأ فَإِن كَانَ ذَلِك قبل فرَاغ الإِمَام من صلَاته صلى أَربع رَكْعَات وَإِن كَانَ بعد فَرَاغه صلى رَكْعَتَيْنِ إِلَّا أَن يتَكَلَّم فَحِينَئِذٍ يُصَلِّي أَرْبعا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة القَاضِي فِي الْإِتْمَام حكما وَوُجُوب الْقَضَاء بِالسَّبَبِ الَّذِي بِهِ وَجب الْأَدَاء فَلَا يتَغَيَّر إِلَّا بِمَا يتَغَيَّر بِهِ الأَصْل وَقبل فرَاغ الإِمَام نِيَّة الْإِقَامَة (وَدخُول مَوضِع الْإِقَامَة) مغير للْفَرض فِي حق الأَصْل وَهُوَ الإِمَام فَيكون مغيرا فِي حق من يقْضِي ذَلِك الأَصْل وَبعد الْفَرَاغ نِيَّة الْإِقَامَة وَدخُول الْمصر غير مغير للْفَرض فِي حق الأَصْل فَكَذَلِك لَا يُغير فِي حق من يقْضِي ذَلِك الأَصْل إِلَّا أَن يتَكَلَّم فَحِينَئِذٍ يَنْعَدِم معنى الْقَضَاء لِخُرُوجِهِ بالْكلَام من تحريمة الْمُشَاركَة وَهُوَ الْمُؤَدِّي لبَقَاء الْوَقْت فيتغير فَرْضه بنية الْإِقَامَة وَلَو كَانَ مَسْبُوقا صلى أَرْبعا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ مؤد إتْمَام صلَاته أَدَاء قاصرا سَوَاء تكلم أَو لم يتَكَلَّم فرغ الإِمَام أَو لم يفرغ كَانَت نِيَّة الْإِقَامَة مُغيرَة للْفَرض لكَونه مُؤديا بِاعْتِبَار بَقَاء الْوَقْت
وَأما الْقَضَاء فَهُوَ نَوْعَانِ بِمثل مَعْقُول كَمَا بَينا وبمثل غير مَعْقُول كالفدية فِي حق الشَّيْخ الفاني مَكَان الصَّوْم وإحجاج الْغَيْر بِمَالِه عِنْد فَوَات الْأَدَاء بِنَفسِهِ لعَجزه فَإِن ذَلِك ثَابت بِالنَّصِّ قَالَ الله تَعَالَى {وعَلى الَّذين يطيقُونَهُ فديَة طَعَام مِسْكين} أَي لَا يطيقُونَهُ هَكَذَا نقل عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا وَفِي الْحَج حَدِيث الخثعمية حَيْثُ قَالَت يَا رَسُول الله إِن فَرِيضَة الله تَعَالَى على عباده فِي الْحَج أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا لَا يَسْتَطِيع أَن يسْتَمْسك على الرَّاحِلَة أفيجزىء أَن أحج عَنهُ فَقَالَ أَرَأَيْت لَو كَانَ على أَبِيك دين فقضيته أَكَانَ يقبل مِنْك فَقَالَت نعم فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام الله أَحَق أَن يقبل ثمَّ لَا مماثلة بَين الصَّوْم وَبَين الْفِدْيَة صُورَة وَلَا معنى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute