للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الْمَغْصُوب مِنْهُ أَو وهبه لَهُ وَسلمهُ فَإِنَّهُ يكون أَدَاء الْعين الْمُسْتَحق بِسَبَبِهِ وَيَلْغُو مَا صرح بِهِ وَكَذَلِكَ لَو أَن المُشْتَرِي شِرَاء فَاسِدا بَاعَ الْمَبِيع من البَائِع بعد الْقَبْض أَو وهبه وَسلمهُ يكون أَدَاء الْعين الْمُسْتَحق بِسَبَب فَسَاد البيع وعَلى هَذَا قُلْنَا لَو أطْعم الْغَاصِب الْمَغْصُوب مِنْهُ الطَّعَام الْمَغْصُوب أَو ألبسهُ الثَّوْب الْمَغْصُوب وَهُوَ لَا يعلم بِهِ فَإِنَّهُ يكون ذَلِك أَدَاء للعين الْمُسْتَحق بِالْغَصْبِ ويتأكد ذَلِك بِإِتْلَاف الْعين فَلَا يبْقى بعد ذَلِك للْمَغْصُوب مِنْهُ عَلَيْهِ شَيْء

وَالشَّافِعِيّ أَبى ذَلِك فِي أحد قوليه لِأَن أَدَاء الْمُسْتَحق مَأْمُور بِهِ شرعا وَالْمَوْجُود مِنْهُ غرور فَلَا يَجْعَل ذَلِك أَدَاء للْمَأْمُور وَلَكِن يَجْعَل اسْتِعْمَالا مِنْهُ للْمَغْصُوب مِنْهُ فِي التَّنَاوُل فَكَأَنَّهُ تنَاول لنَفسِهِ فيتقرر عَلَيْهِ الضَّمَان وَهَذَا ضَعِيف فالغرور فِي إخْبَاره أَنه طَعَامه وَأَدَاء الْوَاجِب فِي وضع الطَّعَام بَين يَدَيْهِ وتمكينه مِنْهُ وهما غيران وبالقول إِنَّمَا جَاءَ الْغرُور بِجَهْل الْمَغْصُوب مِنْهُ لَا لنُقْصَان فِي تَمْكِينه فَلَا يخرج بِهِ من أَن يكون فعله أَدَاء لما هُوَ الْمُسْتَحق كَمَا لَو اشْترى عبدا ثمَّ قَالَ البَائِع للْمُشْتَرِي أعتق عَبدِي هَذَا وَأَشَارَ إِلَى الْمَبِيع فَأعْتقهُ المُشْتَرِي وَهُوَ لَا يعلم بِهِ فَإِنَّهُ يكون قَابِضا وَإِن كَانَ هُوَ مغرورا بِمَا أخبرهُ البَائِع بِهِ وَلَكِن قَبضه بِالْإِعْتَاقِ وَخبر البَائِع وَجَهل المُشْتَرِي غير مُؤثر فِي ذَلِك فَبَقيَ إِعْتَاقه قبضا تَاما

وَمن الْأَدَاء التَّام تَسْلِيم الْمُسلم فِيهِ وَبدل الصّرْف فَإِن ذَلِك أَدَاء الْمُسْتَحق بِسَبَبِهِ حكما بطرِيق أَن الِاسْتِبْدَال مُتَعَذر فِيهِ شرعا قبل الْقَبْض فَيجْعَل كَأَن الْمَقْبُوض عين مَا تنَاوله العقد حكما وَإِن كَانَ غَيره فِي الْحَقِيقَة لِأَن العقد تنَاول الدّين والمقبوض عين

وَأما الْأَدَاء الْقَاصِر وَهُوَ رد الْمَغْصُوب مَشْغُولًا بِالدّينِ أَو الْجِنَايَة بِسَبَب كَانَ مِنْهُ عِنْد الْغَاصِب وَمعنى الْقُصُور فِيهِ أَنه أَدَّاهُ لَا على الْوَصْف الَّذِي اسْتحق عَلَيْهِ أَدَاؤُهُ فلوجود أصل الْأَدَاء قُلْنَا إِذا هلك فِي يَد الْمَالِك قبل الدّفع إِلَى ولي الْجِنَايَة برىء الْغَاصِب ولقصور فِي الصّفة قُلْنَا إِذا دفع إِلَى ولي الْجِنَايَة أَو بيع فِي الدّين يرجع الْمَالِك على الْغَاصِب بِقِيمَتِه كَأَن الرَّد لم يُوجد فَكَذَلِك البَائِع إِذا سلم الْمَبِيع وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>