حَدِيث معَاذ حِين قَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَ تقضي قَالَ بِكِتَاب الله
قَالَ فَإِن لم تَجِد فِي كتاب الله قَالَ بِسنة رَسُول الله
قَالَ فَإِن لم تَجِد فِي سنة رَسُول الله قَالَ اجْتهد رَأْيِي
فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي وفْق رَسُول رَسُوله لما يرضى بِهِ رَسُوله فَهَذَا دَلِيل على أَنه لَيْسَ بعد الْكتاب وَالسّنة شَيْء يعْمل بِهِ سوى الرَّأْي
قَالَ وَلَا حجَّة لكم فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهْتَدَيْتُمْ لِأَن المُرَاد الِاقْتِدَاء بهم فِي الجري على طريقهم فِي طلب الصَّوَاب فِي الْأَحْكَام لَا فِي تقليدهم وَقد كَانَت طريقتهم الْعَمَل بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَاد أَلا ترى أَنه شبههم بالنجوم وَإِنَّمَا يَهْتَدِي بِالنَّجْمِ من حَيْثُ الِاسْتِدْلَال بِهِ على الطَّرِيق بِمَا يدل عَلَيْهِ لَا أَن نفس النَّجْم يُوجب ذَلِك وَهُوَ تَأْوِيل قَوْله اقتدوا بالذين من بعدِي وَعَلَيْكُم بِسنة الْخُلَفَاء من بعدِي فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي سلوك طريقهم فِي اعْتِبَار الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد فِيمَا لَا نَص فِيهِ وَهَذَا هُوَ الْمَعْنى فقد ظهر من الصَّحَابَة الْفَتْوَى بِالرَّأْيِ ظهورا لَا يُمكن إِنْكَاره والرأي قد يخطىء فَكَانَ فَتْوَى الْوَاحِد مِنْهُم مُحْتملا مترددا بَين الصَّوَاب وَالْخَطَأ وَلَا يجوز ترك الرَّأْي بِمثلِهِ كَمَا لَا يتْرك بقول التَّابِعِيّ وكما لَا يتْرك أحد الْمُجْتَهدين فِي عصر رَأْيه بقول مُجْتَهد آخر
وَالدَّلِيل على أَن الْخَطَأ مُحْتَمل فِي فتواهم مَا رُوِيَ أَن عمر سُئِلَ عَن مَسْأَلَة فَأجَاب فَقَالَ رجل هَذَا هُوَ الصَّوَاب
فَقَالَ وَالله مَا يدْرِي عمر أَن هَذَا هُوَ الصَّوَاب أَو الْخَطَأ وَلَكِنِّي لم آل عَن الْحق
وَقَالَ ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِيمَا أجَاب بِهِ فِي المفوضة وَإِن كَانَ خطأ فمني وَمن الشَّيْطَان
فَعرفنَا أَنه قد كَانَ جِهَة الْخَطَأ مُحْتملا فِي فتواهم وَلَا يُقَال هَذَا فِي إِجْمَاعهم مَوْجُود إِذا صدر عَن رَأْي ثمَّ كَانَ حجَّة لِأَن الرَّأْي إِذا تأيد بِالْإِجْمَاع تتَعَيَّن جِهَة الصَّوَاب فِيهِ بِالنَّصِّ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِن الله لَا يجمع أمتِي على الضَّلَالَة أَلا ترى أَن إِجْمَاع أهل كل عصر يَجْعَل حجَّة بِهَذَا الطَّرِيق وَإِن لم يكن قَول الْوَاحِد مِنْهُم مقدما على الرَّأْي فِي الْعَمَل بِهِ وَلِأَنَّهُ لم يظْهر مِنْهُم دُعَاء النَّاس إِلَى أقاويلهم وَلَو كَانَ قَول الْوَاحِد مِنْهُم مقدما على الرَّأْي لدعا النَّاس إِلَى قَوْله كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْعُو النَّاس إِلَى الْعَمَل بقوله وكما كَانَت الصَّحَابَة تَدْعُو النَّاس إِلَى الْعَمَل بِالْكتاب وَالسّنة وَإِلَى الْعَمَل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute