ثمَّ ذَلِك الْمَعْنى نَوْعَانِ جلي وخفي وَيُوقف على الْجَلِيّ بِاعْتِبَار الظَّاهِر وَلَا يُوقف على الْخَفي إِلَّا بِزِيَادَة التَّأَمُّل وَهُوَ المُرَاد بقوله {فاعتبروا} وَبَعْدَمَا ثَبت لُزُوم اعْتِبَار ذَلِك الْمَعْنى بِالنَّصِّ وَإِثْبَات الحكم فِي كل مَحل قد وجد فِيهِ ذَلِك الْمَعْنى يكون إِثْبَاتًا بِالنَّصِّ لَا بِالرَّأْيِ وَإِن لم يكن صِيغَة النَّص متناولا إِلَّا ترى أَن الحكم بِالرَّجمِ على مَاعِز لم يكن حكما على غَيره بِاعْتِبَار صورته وَلَكِن بِاعْتِبَار الْمَعْنى الَّذِي لأَجله توجه الحكم عَلَيْهِ بِالرَّجمِ كَانَ ذَلِك بَيَانا فِي حق سَائِر الْأَشْخَاص بِالنَّصِّ
وَالثَّانِي أَنه مَا من حَادِثَة إِلَّا وفيهَا حكم لله تَعَالَى من تَحْلِيل أَو تَحْرِيم أَو إِيجَاب أَو إِسْقَاط وَمَعْلُوم أَن كل حَادِثَة لَا يُوجد فِيهَا نَص فالنصوص مَعْدُودَة متناهية وَلَا نِهَايَة لما يَقع من الْحَوَادِث إِلَى قيام السَّاعَة وَفِي تَسْمِيَته حَادِثَة إِشَارَة إِلَى أَنه لَا نَص فِيهَا فَإِن مَا فِيهِ النَّص يكون أصلا معهودا
وَكَذَلِكَ الصَّحَابَة مَا اشتغلوا باعتماد نَص فِي كل حَادِثَة (طلبا أَو رِوَايَة فَعرفنَا أَنه لَا يُوجد نَص فِي كل حَادِثَة)