للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذَّهَب وَالْفِضَّة فَإِن اسْتِدْلَال من يسْتَدلّ من أَصْحَابنَا على كَون الحكم الثَّابِت فيهمَا معلولا بِأَن الْأُصُول فِي الأَصْل معلولة لَا يكون صَحِيحا حَتَّى يثبت بِالدَّلِيلِ أَن النَّص الَّذِي فيهمَا مَعْلُول فِي الْحَال

وَحجَّة الْفَرِيق الأول أَن الحكم فِي الْمَنْصُوص قبل التَّعْلِيل ثَابت بِصِيغَة النَّص وَفِي التَّعْلِيل تَغْيِير لذَلِك الحكم حَتَّى يكون ثَابتا بِالْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الْمَعْنى فِي الْمَنْصُوص فَيكون ذَلِك بِمَنْزِلَة الْمجَاز من الْحَقِيقَة وَلَا يجوز الْعُدُول عَن الْحَقِيقَة إِلَى الْمجَاز إِلَّا بِدَلِيل بل أولى فالمجاز أحد نَوْعي اللِّسَان وَالْمعْنَى الَّذِي يستنبط من الْمَنْصُوص لَيْسَ من نوع اللِّسَان فِي شَيْء يُوضحهُ أَن الْمعَانِي تتعارض فِي الْمَنْصُوص وَبِاعْتِبَار الْمُعَارضَة لَا يتَعَيَّن وصف مِنْهَا بل كل وصف يحْتَمل أَن يكون هُوَ الْمَعْنى الْمُوجب للْحكم فِيهِ والمحتمل لَا يكون حجَّة وَلَا بُد من تَرْجِيح بعض الْأَوْصَاف عِنْد الِاشْتِغَال بِالتَّعْلِيلِ وَالتَّرْجِيح بعد الْمُعَارضَة لَا يكون إِلَّا بِالدَّلِيلِ على أَنا نفهم من خطاب الشَّرْع مَا نفهم من مخاطباتنا وَمن يَقُول لغيره أعتق عَبدِي هَذَا لم يكن لَهُ أَن يصير إِلَى التَّعْلِيل فِي هَذَا الْأَمر فَكَذَلِك فِي مخاطبات الشَّرْع لَا يجوز الْمصير إِلَى التَّعْلِيل حَتَّى يقوم الدَّلِيل

وَحجَّة الْفَرِيق الثَّانِي أَن الدَّلِيل الَّذِي دلّ على صِحَة الْقيَاس وَجَوَاز الْعَمَل بِهِ يكون دَلِيلا على جَوَاز التَّعْلِيل فِي كل أصل فَإِن مَا هُوَ طَرِيق التَّعْلِيل وَهُوَ الْوُقُوف على معنى النَّص وَالْوَصْف الَّذِي هُوَ صَالح لِأَن يكون عِلّة للْحكم مَوْجُود فِي كل نَص فَيكون جَوَاز التَّعْلِيل أصلا فِي كل نَص وَتَكون صفة الصلاحية أصلا فِي كل وصف فَيكون التَّعْلِيل بِهِ أصلا مَا لم يظْهر الْمَانِع بِمَنْزِلَة الْعَمَل بالأخبار فَإِن وجوب الْعَمَل بِكُل خبر ثَبت عَن صَاحب الشَّرْع هُوَ الأَصْل حَتَّى يمْنَع مِنْهُ مَانع وَلَا تتَحَقَّق الْمُعَارضَة الْمُوجبَة للتوقف بِمُجَرَّد اخْتِلَاف الْآثَار عِنْد إِمْكَان الْعَمَل بِالْكُلِّ فَكَذَلِك لَا تثبت الْمُعَارضَة الْمُوجبَة للتوقف عِنْد كَثْرَة أَوْصَاف الأَصْل مَعَ إِمْكَان الْعَمَل بِالْكُلِّ إِلَّا أَن يمْنَع من ذَلِك مَانع وَلَيْسَ هَذَا نَظِير خطاب الْعباد فِي معاملاتهم فَإِن ذَلِك مِمَّا لَا نشتغل فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>