قد قَامَ الدَّلِيل الْمُوجب لعلم الْيَقِين على جَوَاز الِاقْتِدَاء بِهِ مُطلقًا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} وَهَهُنَا الدَّلِيل هُوَ صَلَاحِية الْوَصْف الْمَوْجُود فِي النَّص وَذَلِكَ إِنَّمَا يعلم بِالرَّأْيِ فَلَا يَنْعَدِم بِهِ احْتِمَال كَون النَّص غير مَعْلُول لأَنا قد بَينا أَن فِي تَعْلِيل النَّص معنى الِابْتِلَاء والابتلاء بِمَا يكون غير مَعْلُول من النُّصُوص أظهر وَبَعْدَمَا تحققت الْمُسَاوَاة فِي معنى الِابْتِلَاء لَا بُد من قيام الدَّلِيل فِي الْمَنْصُوص على أَنه مَعْلُول للْحَال
وَبَيَان هَذَا فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة فَإِن حكم الرِّبَا ثَابت فيهمَا بِالنَّصِّ وَهُوَ مَعْلُول عندنَا بعلة الْوَزْن
وَأنكر الشَّافِعِي هَذَا فَيحْتَاج إِلَى أَن يثبت بِالدَّلِيلِ أَنه مَعْلُول
وَفِيه نَوْعَانِ من الدَّلِيل أَحدهَا قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام يَد بيد فَفِيهِ إِيجَاب التَّعْيِين وَهُوَ مُتَعَدٍّ إِلَى الْفُرُوع لِأَنَّهُ لَا بُد من تعْيين أحد الْبَدَلَيْنِ فِي كل عقد فَإِن الدّين بِالدّينِ حرَام بِالنَّصِّ وَذَلِكَ رَبًّا كَمَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة ثمَّ وجوب التَّعْيِين فِي الْبَدَل الآخر هُنَا لاشْتِرَاط الْمُسَاوَاة فالمساواة فِي الْبَدَلَيْنِ عِنْد اتِّفَاق الْجِنْس شَرط بقوله عَلَيْهِ السَّلَام مثل بِمثل وَعند اخْتِلَاف الْجِنْس الْمُسَاوَاة فِي العينية شَرط بقوله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَإِذا اخْتلف النوعان فبيعوا كَيفَ شِئْتُم بعد أَن يكون يدا بيد وَهَذَا حكم مُتَعَدٍّ إِلَى الْفُرُوع فَإِن الشَّافِعِي يشْتَرط التقايض فِي بيع الطَّعَام بِالطَّعَامِ مَعَ اخْتِلَاف الْجِنْس بِهَذَا النَّص وَنحن لَا نجوز بيع قفيز من حِنْطَة بِعَينهَا بقفيز من شعير بِغَيْر عينه غير مَقْبُوض فِي الْمجْلس وَإِن كَانَ مَوْصُوفا وَحل التَّفَاضُل بَينهمَا لِأَن بترك التَّعْيِين فِي الْمجْلس يَنْعَدِم الْمُسَاوَاة فِي الْيَد بِالْيَدِ وشرطنا الْقَبْض فِي رَأس مَال السّلم فِي الْمجْلس لتحقيق معنى التَّعْيِين فَعرفنَا أَنه مَعْلُول وَالتَّعْلِيل بالثمنية يمْنَع التَّعْدِيَة فباعتبار كَونه معلولا يكون مُتَعَدِّيا إِلَى الْفُرُوع فالوصف الَّذِي يمْنَع التَّعْدِيَة لَا يقْدَح فِيهِ وَلَا يُخرجهُ من أَن يكون شَاهدا بِمَنْزِلَة صفة الْجَهْل فِي الشَّاهِد فَإِنَّهُ لَا يكون طَعنا فِي شَهَادَته لِأَنَّهُ لَا يخرج بِهِ من أَن يكون أَهلا للولاية وَالشَّهَادَة تبتنى على ذَلِك بِخِلَاف صفة الرّقّ فَإِن الطعْن بِهِ يمْنَع الْعَمَل بِشَهَادَتِهِ حَتَّى تثبت حُرِّيَّته بِالْحجَّةِ لِأَنَّهُ يخرج بِهِ من أَن يكون أهل الْولَايَة والصلاحية للشَّهَادَة تبتنى على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute