للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَين النباش وَالسَّارِق فِي فعل السّرقَة وَهَذَا لِأَن الْأَسْمَاء نَوْعَانِ حَقِيقَة ومجاز

فطريق معرفَة الْحَقِيقَة هُوَ السماع من أهل اللُّغَة وَطَرِيق معرفَة الْمجَاز مِنْهُ الْوُقُوف على اسْتِعَارَة أهل اللُّغَة وَنحن نعلم أَن طَرِيق الِاسْتِعَارَة فِيمَا بَين أهل اللُّغَة غير طَرِيق التَّعْدِيَة فِي أَحْكَام الشَّرْع فَلَا يُمكن معرفَة هَذَا النَّوْع بِالتَّعْلِيلِ الَّذِي هُوَ لتعدية حكم الشَّرْع

وعَلى هَذَا قُلْنَا الِاشْتِغَال بِالْقِيَاسِ لتصحيح اسْتِعَارَة أَلْفَاظ الطَّلَاق لِلْعِتْقِ يكون بَاطِلا وَإِنَّمَا نشتغل فِيهِ بِالتَّأَمُّلِ فِيمَا هُوَ طَرِيق الِاسْتِعَارَة عِنْد أهل اللُّغَة

وَكَذَلِكَ الِاشْتِغَال بِالْقِيَاسِ لإِثْبَات الِاسْتِعَارَة فِي أَلْفَاظ التَّمْلِيك للنِّكَاح يكون اشتغالا بِمَا لَا معنى لَهُ

وَكَذَلِكَ فِي إِثْبَات اسْتِعَارَة لفظ النّسَب لِلْعِتْقِ

وَكَذَلِكَ الِاشْتِغَال بِالْقِيَاسِ فِي تَصْحِيح إِرَادَة الْعدَد من لفظ الطَّلَاق

والاشتغال بِالْقِيَاسِ لإِثْبَات الْمُوَافقَة بَين الشَّاهِدين إِذا شهد أَحدهمَا بِمِائَة وَالْآخر بمائتين أَو شهد أَحدهمَا بتطليقة وَالْآخر بِنصْف تَطْلِيقَة فَإِنَّمَا يكون من نوع هَذَا (فالحاجة فِيهِ إِلَى إِثْبَات الِاسْم وَطَرِيق الْوُقُوف عَلَيْهِ التَّأَمُّل فِي طَرِيقه عِنْد أهل اللُّغَة) فَكَانَ الِاشْتِغَال بِالْقِيَاسِ الشَّرْعِيّ فِيهِ اشتغالا بِمَا لَا يُفِيد

وَكَذَلِكَ الْإِطْعَام فِي الْكَفَّارَات فَإِن اشْتِرَاط التَّمْلِيك فِيهِ بِالْقِيَاسِ على الْكسْوَة بَاطِل لِأَن الْكَلَام فِي معنى الْإِطْعَام الْمَنْصُوص عَلَيْهِ وَلَا مدْخل للْقِيَاس الشَّرْعِيّ فِي معرفَة معنى الِاسْم لُغَة وَإِنَّمَا الطَّرِيق فِيهِ التَّأَمُّل فِي معنى اللَّفْظ لُغَة وَهُوَ فعل مُتَعَدٍّ فلازمه طعم وَحَقِيقَته فِيمَا يصير الْمِسْكِين بِهِ طاعما وَذَلِكَ بالتمكين من الْإِطْعَام بِمَنْزِلَة الإيكال ثمَّ يجوز التَّمْلِيك فِيهِ بِدلَالَة النَّص فَأَما الْكسْوَة فَهُوَ عبارَة عَن الملبوس دون فعل اللّبْس وَدون مَنْفَعَة الثَّوْب وَعين الملبوس لَا يصير كَفَّارَة إِلَّا بالتمليك من الْمِسْكِين فَأَما الإلباس فَهُوَ تَمْكِين من الِانْتِفَاع بالملبوس

وَمن هَذِه الْجُمْلَة الِاخْتِلَاف فِي شَرط التَّعْدِيَة وَالْمذهب عندنَا أَن تَعْلِيل النَّص بِمَا لَا يتَعَدَّى لَا يجوز أصلا

وَعند الشَّافِعِي هَذَا التَّعْلِيل جَائِز وَلكنه لَا يكون مقايسة وعَلى هَذَا جوز هُوَ تَعْلِيل نَص الرِّبَا فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة

<<  <  ج: ص:  >  >>