إِن النُّقُود لَا تتَعَيَّن فِي الْعُقُود بِالتَّعْيِينِ بِخِلَاف مَا يَقُوله الشَّافِعِي إِنَّهَا متعينة فِي الْملك وتعيينها فِي العقد مُفِيد فتتعين بِالتَّعْيِينِ كالسلع
وَهَذَا لِأَن هَذَا التَّعْلِيل لَا يُوجب تَعديَة حكم الأَصْل بِعَيْنِه فَحكم البيع فِي السّلع وجوب الْملك بِهِ فِيهَا لَا وجودهَا فِي نَفسهَا وَلِهَذَا لَا بُد من قِيَامهَا فِي ملك البَائِع عِنْد العقد ليَصِح العقد وَحكم العقد فِي الثّمن وُجُوبهَا ووجودها بِالْعقدِ وَلِهَذَا لَا يشْتَرط قيام الثّمن فِي ملك المُشْتَرِي عِنْد العقد لصِحَّة العقد وَيجوز العقد بِدُونِ تَعْيِينه لَا على اعْتِبَار أَنه بِمَنْزِلَة السّلع وَلَكِن يسْقط اعْتِبَار وجوده بطرِيق الرُّخْصَة فَإِن هَذَا الحكم فِيمَا وَرَاء مَوضِع الرُّخْصَة ثَابت حَتَّى يجوز الِاسْتِبْدَال بِهِ قبل الْقَبْض وَلَا يجب جبر النَّقْص المتمكن فِيهِ عِنْد عدم التَّعْيِين بِذكر الْأَجَل وَلَا بِقَبض مَا يُقَابله فِي الْمجْلس بِخِلَاف السّلم فَعرفنَا أَن الحكم الْأَصْلِيّ فِي الثّمن مَا بَينا وَفِي التَّعْيِين تَغْيِير لذَلِك الحكم وَجعل مَا هُوَ الرُّكْن شرطا وَأي التَّغْيِير أبلغ من هَذَا
فَتبين بِهَذَا أَنه لَيْسَ فِي هَذَا التَّعْلِيل تَعديَة حكم النَّص بِعَيْنِه بل إِثْبَات حكم آخر فِي الْفَرْع وَلِهَذَا قُلْنَا إِن إِظْهَار الذِّمِّيّ بَاطِل لِأَن حكم الظِّهَار فِي حق الْمُسلم أَنه يثبت بِهِ حُرْمَة متناهية بِالْكَفَّارَةِ فتعليل هَذَا الأَصْل بِمَا يُوجب تَعديَة الحكم إِلَى الذِّمِّيّ يكون بَاطِلا لِأَنَّهُ لَا يثبت بِهِ حكم الأَصْل بِعَيْنِه وَهُوَ الْحُرْمَة المتناهية فَإِن الذِّمِّيّ لَيْسَ من أهل الْكَفَّارَة مُطلقًا
وَبَيَان قَوْلنَا إِلَى فرع هُوَ نَظِيره فِي فُصُول مِنْهَا مَا بَينا أَنه لَا يجوز تَعْلِيل النَّص الْوَارِد فِي النَّاسِي بالعذر ليتعدى الحكم بِهِ إِلَى الخاطىء وَالْمكْره لِأَن الْفَرْع لَيْسَ بنظير للْأَصْل فعذرهما دون عذر النَّاسِي فِيمَا هُوَ الْمَقْصُود بالحكم لِأَن عذر الخاطىء لَا يَنْفَكّ عَن تَقْصِير من جِهَته بترك الْمُبَالغَة فِي التَّحَرُّز وَعذر الْمُكْره بِاعْتِبَار صنع هُوَ مُضَاف إِلَى الْعباد فَلَا تجوز تَعديَة الحكم للتَّعْلِيل إِلَى مَا لَيْسَ بنظير بِهِ
وَكَذَلِكَ قُلْنَا شَرط النِّيَّة فِي التَّيَمُّم لَا يجوز تَعْلِيله بِأَنَّهُ طَهَارَة حكمِيَّة ليتعدى الحكم بِهِ إِلَى الْوضُوء فَإِن الْفَرْع لَيْسَ بنظير الأَصْل فِي كَونه طَهَارَة لِأَن التَّيَمُّم بِاعْتِبَار الأَصْل تلويث وَهُوَ لَا يكون رَافعا للْحَدَث بِيَقِين بِخِلَاف الطَّهَارَة بِالْمَاءِ وَلِهَذَا أَمْثِلَة كَثِيرَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute