وَمن هَذَا النَّوْع الْوضُوء فَإِنَّهُ حسن لِمَعْنى فِي غَيره وَهُوَ التَّمَكُّن من أَدَاء الصَّلَاة وَمَا هُوَ الْمَقْصُود لَا يصير مؤدى بِعَيْنِه وَلِهَذَا جَوَّزنَا الْوضُوء والاغتسال بِغَيْر النِّيَّة وَمِمَّنْ لَيْسَ بِأَهْل لِلْعِبَادَةِ أَدَاء وَهُوَ الْكَافِر وَلَا يُنكر معنى الْقرْبَة فِي الْوضُوء حَتَّى إِذا قصد بِهِ التَّقَرُّب وَهُوَ من أَهله بِأَن تَوَضَّأ وَهُوَ متوضىء كَانَ مثابا على ذَلِك وَكَذَلِكَ إِذا تَوَضَّأ وَهُوَ مُحدث على قصد التَّقَرُّب فَإِنَّهُ تَطْهِير والتطهير حسن شرعا كتطهير الْمَكَان وَالثيَاب قَالَ الله تَعَالَى {أَن طهرا بَيْتِي للطائفين} وَقَالَ تَعَالَى {وثيابك فطهر} إِلَّا أَن مَا هُوَ شَرط أَدَاء الصَّلَاة يتَحَقَّق بِدُونِ هَذَا الْوَصْف وَهُوَ قصد التَّقَرُّب لِأَن شَرط أَدَاء الصَّلَاة أَن يقوم إِلَيْهَا طَاهِرا عَن الْحَدث وَبِدُون هَذَا الْوَصْف يَزُول الْحَدث وَهُوَ معنى قَوْلنَا إِنَّه يتَمَكَّن من أَدَاء الصَّلَاة بِالْوضُوءِ وَإِن لم يُنَوّه وَلكنه لَا يكون مثابا عَلَيْهِ ثمَّ حكمه حكم السَّعْي كَمَا بَينا إِلَّا أَن مَعَ انعدام السَّعْي يتم أَدَاء الْجُمُعَة وَبِدُون الْوضُوء لَا يجوز أَدَاء الصَّلَاة من الْمُحدث لِأَن من شَرط الْجَوَاز الطَّهَارَة عَن الْحَدث
وَبَيَان النَّوْع الآخر فِي الصَّلَاة على الْمَيِّت وقتال الْمُشْركين وَإِقَامَة الْحُدُود
فَالصَّلَاة على الْمَيِّت حَسَنَة لإسلام الْمَيِّت وَذَلِكَ معنى فِي غير الصَّلَاة مُضَاف إِلَى كسب وَاخْتِيَار كَانَ من العَبْد قبل مَوته وَبِدُون هَذَا الْوَصْف يكون قبيحا مَنْهِيّا عَنهُ يَعْنِي الصَّلَاة على الْكفَّار وَالْمُنَافِقِينَ قَالَ الله تَعَالَى {وَلَا تصل على أحد مِنْهُم مَاتَ أبدا} وَكَذَلِكَ الْقِتَال مَعَ الْمُشْركين حسن لِمَعْنى فِي غَيره وَهُوَ كفر الْكَافِر أَو قَصده إِلَى محاربة الْمُسلمين وَذَلِكَ مُضَاف إِلَى اخْتِيَاره
وَكَذَلِكَ الْقِتَال مَعَ أهل الْبَغي حسن لدفع فتنتهم ومحاربتهم عَن أهل الْعدْل