الْجَوَاز على تِلْكَ الْحَالة وَإِذا تبدل حَاله بِالْعلمِ ثَبت الْأَمر بِالْأَدَاءِ كَمَا يَلِيق بِحَالهِ وَلَكِن لما كَانَ لَهُ طَرِيق يتَوَصَّل بِهِ إِلَى هَذِه الْحَالة إِذا تحرز وَأحسن النّظر لم يسْقط الْوَاجِب فِي هَذِه الْحَالة بِالْأَدَاءِ الأول وَإِن كَانَ مَعْذُورًا فِيهِ لدفع الْحَرج عَنهُ وَالْحج بمعزل مِمَّا قُلْنَا فالثابت بِالْأَمر وجوب أَدَاء الْأَعْمَال بِصفة الصِّحَّة وَأما بعد الْإِفْسَاد فالثابت وجوب التَّحَلُّل عَن الْإِحْرَام بطريقه وَهَذَا أَمر آخر سوى الأول والمأمور بِهِ فِي هَذَا الْأَمر مجزى فَإِن التَّحَلُّل بأَدَاء الْأَعْمَال بعد الْإِفْسَاد جَائِز شرعا
ويحكى عَن أبي بكر الرَّازِيّ رَحمَه الله أَنه كَانَ يَقُول صفة الْجَوَاز وَإِن كَانَت تثبت بِمُطلق الْأَمر شرعا فقد تتَنَاوَل الْأَمر على مَا هُوَ مَكْرُوه شرعا أَيْضا وَاسْتدلَّ على ذَلِك بأَدَاء عصر يَوْمه بعد تغير الشَّمْس فَإِنَّهُ جَائِز مَأْمُور بِهِ شرعا وَهُوَ مَكْرُوه أَيْضا وَكَذَلِكَ قَوْله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {وليطوفوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيق} يتَنَاوَل طواف الْمُحدث عندنَا حَتَّى يكون طَوَافه ركن الْحَج وَذَلِكَ جَائِز مَأْمُور بِهِ شرعا وَيكون مَكْرُوها
قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَالأَصَح عِنْدِي أَن بِمُطلق الْأَمر كَمَا تثبت صفة الْجَوَاز وَالْحسن شرعا يثبت انْتِفَاء صفة الْكَرَاهَة لِأَن الْأَمر استعباد وَلَا كَرَاهَة فِي عبَادَة العَبْد لرَبه وَانْتِفَاء الْكَرَاهَة تثبت بِالْإِذْنِ شرعا وَمَعْلُوم أَن الْإِذْن دون الْأَمر فِي طلب إِيجَاد الْمَأْمُور بِهِ فَلِأَن يثبت انْتِفَاء الْكَرَاهَة بِالْأَمر أولى فَأَما الصَّلَاة بعد تغير الشَّمْس وَالْكَرَاهَة لَيست للصَّلَاة وَلَكِن للتشبه بِمن يعبد الشَّمْس والمأمور بِهِ هُوَ الصَّلَاة وَكَذَلِكَ الطّواف الْكَرَاهَة لَيست فِي الطّواف الَّذِي فِيهِ تَعْظِيم الْبَيْت بل لوصف فِي الطّواف وَهُوَ الْحَدث وَذَلِكَ لَيْسَ من الطّواف فِي شَيْء
ثمَّ تكلم مَشَايِخنَا رَحِمهم الله فِيمَا إِذا انْعَدم صفة الْوُجُوب للْمَأْمُور بِهِ لقِيَام الدَّلِيل هَل تبقى صفة الْجَوَاز أم لَا فالعراقيون من مَشَايِخنَا يَقُولُونَ هُوَ على هَذَا الْخلاف عندنَا لَا تبقى وعَلى قَول الشَّافِعِي تبقى فيثبتون هَذَا الْخلاف فِي قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام من حلف على يَمِين فَرَأى غَيرهَا خيرا مِنْهَا فليكفر يَمِينه ثمَّ ليأت بِالَّذِي هُوَ خير فَإِن صِيغَة الْأَمر بِهَذِهِ الصّفة توجب التَّكْفِير سَابِقًا على الْحِنْث وَقد انْعَدم هَذَا الْوُجُوب بِدَلِيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute