فَإِن قيل كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا وَالْقِيَاس لَا يكون إِلَّا بفرع وأصل فَإِن المقايسة تَقْدِير الشَّيْء بالشَّيْء وبمجرد ذكر الْوَصْف بِدُونِ الرَّد إِلَى الأَصْل لَا يكون قِيَاسا
قُلْنَا قد قَالَ بعض مَشَايِخنَا هَذَا النَّوْع من التَّعْلِيل عِنْد ذكر الأَصْل يكون مقايسة وَبِدُون ذكر الأَصْل يكون اسْتِدْلَالا بعلة مستنبطة بِالرَّأْيِ بِمَنْزِلَة مَا قَالَه الْخصم إِن تَعْلِيل النَّص بعلة تتعدى إِلَى الْفَرْع يكون مقايسة وبعلة لَا تتعدى لَا يكون مقايسة لَكِن يكون بَيَان عِلّة شَرْعِيَّة للْحكم قَالَ رَضِي الله عَنهُ وَالأَصَح عِنْدِي أَن نقُول هُوَ قِيَاس على كل حَال فَإِن مثل هَذَا الْوَصْف يكون لَهُ أصل فِي الشَّرْع لَا محَالة وَلَكِن يسْتَغْنى عَن ذكره لوضوحه وَرُبمَا لَا يَقع الِاسْتِغْنَاء عَنهُ فنذكره
فمما يَقع الِاسْتِغْنَاء عَن ذكره مَا قُلْنَا فِي إِيدَاع الصَّبِي لِأَنَّهُ سلطه على ذَلِك فَإِنَّهُ بِهَذَا الْوَصْف يكون مقيسا على أصل وَاضح وَهُوَ أَن من أَبَاحَ لصبي طَعَاما فتناوله لم يضمن لِأَنَّهُ بِالْإِبَاحَةِ سلطه على تنَاوله وَتَركنَا ذكر هَذَا الأَصْل لوضوحه
وَمِمَّا يذكر فِيهِ الأَصْل مَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا فِي طول الْحرَّة إِنَّه لَا يمْنَع نِكَاح الْأمة لِأَن كل نِكَاح يَصح من العَبْد بِإِذن الْمولى فَهُوَ صَحِيح من الْحر كَنِكَاح حرَّة وَهَذَا إِشَارَة إِلَى معنى مُؤثر وَهُوَ أَن الرّقّ ينصف الْحل الَّذِي يبتنى عَلَيْهِ عقد النِّكَاح شرعا وَلَا يُبدلهُ بِحل آخر فَيكون الرَّقِيق فِي النّصْف الْبَاقِي بِمَنْزِلَة الْحر فِي الْكل لِأَنَّهُ ذَلِك الْحل بِعَيْنِه وَلَكِن فِي هَذَا الْمَعْنى بعض الغموض فَتَقَع الْحَاجة إِلَى ذكر الأَصْل
وَكَذَلِكَ عللنا فِي جَوَاز نِكَاح الْأمة الْكِتَابِيَّة للْمُسلمِ قُلْنَا كل امْرَأَة يجوز لمُسلم نِكَاحهَا إِذا كَانَت مسلمة يجوز لَهُ نِكَاحهَا إِذا كَانَت كِتَابِيَّة كَالْحرَّةِ وَهَذَا إِشَارَة إِلَى معنى مُؤثر وَهُوَ أَن تَأْثِير الرّقّ فِي تنصيف الْحل وَمَا يبتنى على الْحل الَّذِي فِي جَانب الْمَرْأَة غير مُتَعَدد ليتَحَقَّق معنى التنصيف فِي عدد فَإِن الْمَرْأَة لَا تحل إِلَّا لرجل وَاحِد فَيظْهر حكم التنصيف فِي الْأَحْوَال وَهُوَ