الصَّوْم بِخِلَاف إِذا كَانَ مُضَافا إِلَى من لَهُ الْحق
وَكَذَلِكَ قُلْنَا إِن الْمَغْصُوب يصير مَمْلُوكا للْغَاصِب عِنْد تقرر الضَّمَان عَلَيْهِ لِأَن بِهَذَا السَّبَب لما تقرر الْملك فِي ضَمَان الْقيمَة وَهُوَ حكم شرعى فيقرر الْملك فِيمَا يُقَابله فَيلْزم على هَذَا فصل الْمُدبر من حَيْثُ إِنَّه يَتَقَرَّر الْملك فِي قِيمَته للْمَغْصُوب مِنْهُ وَلَا يثبت الْملك فِي الْمُدبر للْغَاصِب فَمن يرى تَخْصِيص الْعلَّة يَقُول امْتنع ثُبُوت الحكم فِي الْمُدبر مَعَ وجود الْعلَّة لمَانع وَهُوَ أَنه غير مُحْتَمل للنَّقْل من ملك إِلَى ملك
وَنحن نقُول انعدمت الْعلَّة الْمُوجبَة للْملك فِي الْمُدبر فينعدم الحكم لِانْعِدَامِ الْعلَّة وَهَذَا لِأَن الْعلَّة تقرر الْملك فِي قيمَة هِيَ بدل عَن الْعين وَقِيمَة الْمُدبر لَيْسَ بِبَدَل عَن عينهَا لِأَن شَرط كَون الْقيمَة بَدَلا عَن الْعين أَن تكون الْعين مُحْتملا للتَّمْلِيك وَذَلِكَ لَا يُوجد فِي الْمُدبر لِأَن الْمُدبر جرى فِيهِ عتق من وَجه وَالْعِتْق فِي الْمحل يمْنَع وجوب قيمَة الْعين بِسَبَب الْغَصْب وَلَكِن الضَّمَان وَاجِب بِاعْتِبَار الْجِنَايَة الَّتِى تمكنت من الْغَاصِب بتفويت يَده لِأَن مَعَ جَرَيَان الْعتْق فِيهِ من وَجه قد بقيت الْيَد والمالية مُسْتَحقَّة للْمَالِك فَإِن انعدام ذَلِك يعْتَمد ثُبُوت الْعتْق فِي الْمحل من كل وَجه فَعرفنَا أَنه إِنَّمَا انْعَدم الحكم لِانْعِدَامِ الْعلَّة بِوُجُود مَا يغيرها
وَكَذَلِكَ إِذا قُلْنَا فِي الزِّنَا إِنَّه ثبتَتْ بِهِ حُرْمَة الْمُصَاهَرَة لِأَن ثُبُوت الْحُرْمَة فِي الأَصْل بِاعْتِبَار الْوَلَد الَّذِي يتخلق من الماءين فَيصير بِوَاسِطَة الْوَلَد أمهاتها وبناتها فِي حَقه كأمهاته وَبنَاته وأبناؤه وآباؤه فِي حَقّهَا كآبائها وأبنائها ثمَّ الْوَطْء فِي مَحل الْحَرْث سَبَب لحُصُول هَذَا الْوَلَد فيقام مقَامه وَيلْزم على هَذَا أَنه لَا يتَعَدَّى الْحُرْمَة إِلَى الْأَخَوَات والعمات والخالات من الْجَانِبَيْنِ فَمن يَقُول بتخصيص الْعلَّة يَقُول امْتنع ثُبُوت الحكم مَعَ قيام الْعلَّة فِي هَذِه الْمَوَاضِع للنَّص أَو الْإِجْمَاع وَنحن نقُول إِنَّمَا انْعَدم الحكم لِانْعِدَامِ الْعلَّة لِأَن فِي النَّص الْمُوجب لحُرْمَة الْمُصَاهَرَة ذكر الْأُمَّهَات وَالْبَنَات والآباء وَالْأَبْنَاء خَاصَّة فامتداد الْحُرْمَة إِلَى الْأَخَوَات والعمات والخالات يكون تغييرا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute