للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَقَاء الْعَدَم كَمَا أَن الدَّلِيل الموجد للشَّيْء لَا يكون دَلِيل بَقَائِهِ مَوْجُودا فَكَذَلِك الدَّلِيل الْمُثبت للْحكم لَا يكون دَلِيل بَقَائِهِ ثَابتا أَلا ترى أَن عدم الشِّرَاء لَا يمْنَع وجود الشِّرَاء فِي الْمُسْتَقْبل وَالشِّرَاء الْمُوجب للْملك لَا يمْنَع انعدام الْملك بدليله فِي الْمُسْتَقْبل وَلَكِن الْبَقَاء بعد الْوُجُود لاستغنائه عَن الدَّلِيل لَا لِأَن الدَّلِيل الْمُثبت لَهُ مُوجب لبَقَائه كَمَا أَن ثُبُوت الْحَيَاة بِسَبَبِهِ لَا يكون دَلِيل بَقَاء الْحَيَاة يُوضحهُ أَن بعد ثُبُوت حكم هُوَ نفي إيجاده يَسْتَدْعِي دَلِيلا فَمن ادّعى وجوده احْتَاجَ إِلَى إثْبَاته على خَصمه بِدَلِيل

وَكَذَلِكَ من ادّعى بَقَاءَهُ منفيا فَهُوَ مُحْتَاج إِلَى إثْبَاته بدليله على الْخصم إِذْ الدَّلِيل الأول غير مُوجب لذَلِك فَلَيْسَ أَحدهمَا بالاحتجاج على صَاحبه لعدم قيام الدَّلِيل بِأولى من الآخر وَمَا كَانَ الْبَقَاء فِيمَا يحْتَمل الْبَقَاء بعد الْوُجُود إِلَّا نَظِير الْوُجُود فِي الْأَعْرَاض الَّتِي لَا تبقى وَقْتَيْنِ فَإِن وجود شَيْء مِنْهُ بِدَلِيل لَا يكون دَلِيل وجود مثله فِي الْوَقْت الثَّانِي

وَبَيَان هَذَا فِي الْبَعِير الزَّائِد على الْمِائَة وَالْعِشْرين فَإِن عِنْد الْخصم يَنْتَهِي بِهِ عَفْو الحقتين فَيتم بِهِ نِصَاب ثَلَاث بَنَات لبون

وَعِنْدنَا هُوَ ابْتِدَاء الْعَفو لنصاب آخر وَلَيْسَ فِي إِيجَاب الحقتين فِي مائَة وَعشْرين مَا يدل على وَاحِد من الْأَمريْنِ فَكَانَ الِاحْتِجَاج بِهِ لإِيجَاب الحقتين بعد هَذِه الزِّيَادَة عِنْد كَمَال الْحول يكون احتجاجا بِلَا دَلِيل

ثمَّ اسْتِصْحَاب الْحَال يَنْقَسِم أَرْبَعَة أَقسَام أَحدهَا اسْتِصْحَاب حكم الْحَال مَعَ الْعلم يَقِينا بانعدام الدَّلِيل المغير وَذَلِكَ بطرِيق الْخَبَر عَمَّن ينزل عَلَيْهِ الْوَحْي أَو بطرِيق الْحس فِيمَا يعرف بِهِ وَهَذَا صَحِيح قد علمنَا الِاسْتِدْلَال بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {قل لَا أجد فِيمَا أُوحِي إِلَيّ محرما} الْآيَة وَهَذَا لِأَنَّهُ لما علم يَقِينا بانعدام الدَّلِيل المغير وَقد كَانَ الحكم ثَابتا بدليله وبقاؤه يَسْتَغْنِي عَن الدَّلِيل فقد علم بَقَاؤُهُ ضَرُورَة

وَالثَّانِي اسْتِصْحَاب حكم الْحَال بعد دَلِيل مغير ثَابت بطرِيق النّظر

<<  <  ج: ص:  >  >>