بَقَاء الْعَدَم كَمَا أَن الدَّلِيل الموجد للشَّيْء لَا يكون دَلِيل بَقَائِهِ مَوْجُودا فَكَذَلِك الدَّلِيل الْمُثبت للْحكم لَا يكون دَلِيل بَقَائِهِ ثَابتا أَلا ترى أَن عدم الشِّرَاء لَا يمْنَع وجود الشِّرَاء فِي الْمُسْتَقْبل وَالشِّرَاء الْمُوجب للْملك لَا يمْنَع انعدام الْملك بدليله فِي الْمُسْتَقْبل وَلَكِن الْبَقَاء بعد الْوُجُود لاستغنائه عَن الدَّلِيل لَا لِأَن الدَّلِيل الْمُثبت لَهُ مُوجب لبَقَائه كَمَا أَن ثُبُوت الْحَيَاة بِسَبَبِهِ لَا يكون دَلِيل بَقَاء الْحَيَاة يُوضحهُ أَن بعد ثُبُوت حكم هُوَ نفي إيجاده يَسْتَدْعِي دَلِيلا فَمن ادّعى وجوده احْتَاجَ إِلَى إثْبَاته على خَصمه بِدَلِيل
وَكَذَلِكَ من ادّعى بَقَاءَهُ منفيا فَهُوَ مُحْتَاج إِلَى إثْبَاته بدليله على الْخصم إِذْ الدَّلِيل الأول غير مُوجب لذَلِك فَلَيْسَ أَحدهمَا بالاحتجاج على صَاحبه لعدم قيام الدَّلِيل بِأولى من الآخر وَمَا كَانَ الْبَقَاء فِيمَا يحْتَمل الْبَقَاء بعد الْوُجُود إِلَّا نَظِير الْوُجُود فِي الْأَعْرَاض الَّتِي لَا تبقى وَقْتَيْنِ فَإِن وجود شَيْء مِنْهُ بِدَلِيل لَا يكون دَلِيل وجود مثله فِي الْوَقْت الثَّانِي