للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحكم

وَبَيَان هَذَا فِيمَا علل بِهِ الشَّافِعِي رَحمَه الله فِي النِّكَاح أَنه لَيْسَ بِمَال فَلَا يثبت بِشَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال كالحدود وَالْقصاص

وَهَذَا النَّوْع لَا يصلح حجَّة لإِيجَاب الحكم عندنَا على مَا بَينا فَترك الممانعة فِيهِ تكون قبولا من الْخصم مَا لَا يكون حجَّة أصلا وَذَلِكَ دَلِيل الْجَهْل فَكَانَت الممانعة فِي هَذَا الْموضع دَلِيل المفاقهة

وَأما ممانعة الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْعلَّة فبيانه فِيمَا علل بِهِ أَبُو حنيفَة وَمُحَمّد رَضِي الله عَنْهُمَا أَن الْإِيدَاع من الصَّبِي تسليط على الِاسْتِهْلَاك فَإِن مثل هَذَا الْوَصْف لَا بُد أَن يكون مَمْنُوعًا عِنْد الْخصم لِأَن بعد ثُبُوته لَا يبْقى للمنازعة فِي الحكم معنى

وَنَحْو مَا علل بِهِ أَبُو حنيفَة فِيمَن اشْترى قَرِيبه مَعَ غَيره أَن الْأَجْنَبِيّ رَضِي بِالَّذِي وَقع الْعتْق بِهِ بِعَيْنِه وَنَحْو مَا علل بِهِ عُلَمَاؤُنَا فِي صَوْم يَوْم النَّحْر أَنه مَشْرُوع لِأَنَّهُ مَنْهِيّ عَنهُ وَالنَّهْي يدل على تحقق الْمَشْرُوع ليتَحَقَّق الِانْتِهَاء عَنهُ كَمَا هُوَ مُوجب النَّهْي فَإِن عِنْد الْخصم مُطلق النَّهْي بِمَنْزِلَة النّسخ حَتَّى يَنْعَدِم بِهِ الْمَشْرُوع أصلا

فَلَا بُد من هَذِه الممانعة لمن يُرِيد الْكَلَام فِي الْمَسْأَلَة على سَبِيل المفاقهة

وَأما الممانعة فِي الشَّرْط الَّذِي لَا بُد مِنْهُ ليصير الْوَصْف عِلّة بَيَانه فِيمَا ذكرنَا أَن من الْأَوْصَاف مَا يكون مغيرا حكم الأَصْل وَمن شَرط صِحَة الْعلَّة أَن لَا يكون مغيرا حكم النَّص وَذَلِكَ نَحْو تَعْلِيل الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة بالطعم فَإِنَّهُ يُغير حكم النَّص لِأَن الحكم فِي نُصُوص الرِّبَا حُرْمَة الْفضل على الْقدر وَثُبُوت الْحُرْمَة إِلَى غَايَة وَهُوَ الْمُسَاوَاة وَالتَّعْلِيل بالطعم يثبت فِي الْمَنْصُوص حُرْمَة فضل لَا على الْقدر وَحُرْمَة مُطلقَة لَا إِلَى غَايَة الْمُسَاوَاة يَعْنِي فِي الحفنة من الْحِنْطَة وَفِيمَا لَا يدْخل تَحت الْقدر من المطعومات الَّتِي هِيَ فرع فِي هَذَا الحكم فَلَا بُد من هَذِه الممانعة لِأَن الحكم لَا يثبت بِوُجُود ركن الشَّيْء مَعَ انعدام شَرطه

وَأما الممانعة فِي الْمَعْنى الَّذِي يكون بِهِ الْوَصْف عِلّة مُوجبَة للْحكم شرعا فَهُوَ الْمُطَالبَة بِبَيَان التَّأْثِير لما بَينا أَن الْعلَّة بِهِ تصير مُوجبَة للْحكم شرعا وَهِي الْحِكْمَة الْبَاطِنَة الَّتِي يعبر عَنْهَا بالفقه

<<  <  ج: ص:  >  >>