فبيان الْوَجْه الأول فِي تكْرَار الْمسْح بِالرَّأْسِ فَإنَّا يَقُول مسح فَلَا يسن تثليثه كالمسح بالخف فيورد عَلَيْهِ الإستنجاء بالأحجار نقضا فندفعه بِمَعْنى الْوَصْف الثَّابِت بصيغته ظَاهرا وَهُوَ قَوْلنَا مسح فَإِن فِي الإستنحاء بالأحجار لَا مُعْتَبر بِالْمَسْحِ بل الْمُعْتَبر إِزَالَة النَّجَاسَة حَتَّى لَو تصور خُرُوج الْحَدث من غير أَن يتلوث شَيْء مِنْهُ من ظَاهر الْبدن لَا يجب الْمسْح وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَن الإستطابة بِالْمَاءِ بعد إِزَالَة عين النَّجَاسَة بِالْحجرِ فِيهِ أفضل وَمَعْلُوم أَن فِي الْعُضْو الْمَمْسُوح لَا يكون الْغسْل بعد الْمسْح أفضل وَكَذَلِكَ إِذا قُلْنَا فِي الْخَارِج من غير السَّبِيلَيْنِ إِنَّه حدث لِأَنَّهُ خَارج نجس يُورد عَلَيْهِ مَا إِذا لم يسل عَن رَأس الْجرْح وَدفع هَذَا النَّقْض بِمَعْنى الْوَصْف ظَاهرا وَهُوَ قَوْلنَا خَارج فَمَا لم يسل فَهُوَ طَاهِر لتقشير الْجلد عَنهُ وَلَيْسَ بِخَارِج إِنَّمَا الْخَارِج مَا يُفَارق مَكَانَهُ وَتَحْت كل مَوضِع من الْجلد كمن يكون فِي الْبَيْت إِذا رفع الْبُنيان الَّذِي كَانَ هُوَ مستترا بِهِ يكون ظَاهرا وَلَا يكون خَارِجا وَإِنَّمَا يُسمى خَارِجا من الْبَيْت إِذا فَارق مَكَانَهُ وَلِهَذَا لَا يجب تَطْهِير ذَلِك الْموضع لِأَنَّهُ مَا لم يصر خَارِجا من مَكَانَهُ لَا يعْطى لَهُ حكم النَّجَاسَة
وَبَيَان الْوَجْه الثَّانِي فِي هذَيْن الْفَصْلَيْنِ أَيْضا فَإِن تَأْثِير قَوْلنَا مسح أَنه طَهَارَة حكمِيَّة غير معقولة الْمَعْنى وهى مَبْنِيَّة على التَّخْفِيف أَلا ترى أَنه لَا تَأْثِير للمسح فِي إِثْبَات صفة الطَّهَارَة بعد تنجس الْمحل حَقِيقَة وَأَنه يتَأَدَّى بِبَعْض الْمحل للتَّخْفِيف فَلَا يرد عَلَيْهِ الإستنجاء لِأَن الْمَطْلُوب هُنَاكَ إِزَالَة عين النَّجَاسَة وَلِهَذَا لَا يتم بِاسْتِعْمَال الْحجر فِي بعض الْمحل دون الْبَعْض فباعتبار الإستيعاب فِيهِ وَالْقَصْد إِلَى تَطْهِير الْمحل بِإِزَالَة حَقِيقَة النَّجَاسَة عَنهُ يشبه الإستنجاء الْغسْل فِي الْأَعْضَاء المغسولة دون الْمسْح لهت وَكَذَلِكَ قَوْلنَا الْخَارِج النَّجس كَانَ حجَّة التَّأْثِير لَهَا هُوَ وجوب التَّطْهِير فِي ذَلِك الْموضع فَإِن بِالْإِجْمَاع غسل ذَلِك الْموضع للتطهير وَاجِب وَوُجُوب التَّطْهِير فِي الْبدن بِاعْتِبَار مَا يكون مِنْهُ لَا يحْتَمل التجزى فيندفع مَا إِذا لم تسل النَّجَاسَة لِأَنَّهُ لم يجب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute