بِاعْتِبَار صفة الْحل والحل الَّذِي يبتنى عَلَيْهِ النِّكَاح فِي حق الْأمة على النّصْف مِنْهُ فِي حق الْحرَّة فبقدر ذَلِك يثبت الْملك ثمَّ بِقدر الْملك يتَمَكَّن الْمَالِك من الْإِبْطَال كَمَا أَن بِقدر ملك الْيَمين يتَمَكَّن من إِبْطَاله بِالْعِتْقِ حَتَّى إِنَّه إِذا كَانَ لَهُ عبد وَاحِد يملك إعتاقا وَاحِدًا فَإِن كَانَ لَهُ عَبْدَانِ يملك عتقين
ثمَّ ظهر قُوَّة الْأَثر لما قُلْنَا بِالرُّجُوعِ إِلَى الأَصْل وَهُوَ أَن مَا يبتنى على ملك النِّكَاح وَيخْتَص بِهِ فَإِنَّهُ يخْتَلف باخْتلَاف حَالهَا وَذَلِكَ نَحْو الْقسم فِي حَال قيام النِّكَاح وَالْعدة وَحقّ الْمُرَاجَعَة باعتبارها بعد الطَّلَاق فَعرفنَا أَنه يتَقَدَّر مَا يبتنى على ملك النِّكَاح بِقدر الْملك الثَّابِت بِحَسب مَا يسع الْمحل لَهُ
وعَلى هَذَا علل فِي تكْرَار الْمسْح بِأَنَّهُ ركن فِي الْوضُوء فَيسنّ فِيهِ التّكْرَار كالغسل
وَقُلْنَا نَحن إِنَّه مسح فَلَا يسن فِيهِ التّكْرَار كالمسح بالخف ثمَّ كَانَ تَأْثِير الْمسْح فِي إِسْقَاط التّكْرَار أقوى من تَأْثِير الركنية فِي سنة التّكْرَار فِيهِ فَإِن التّكْرَار مَشْرُوع فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق وليسا بِرُكْن وتأثير الْمسْح فِي التَّخْفِيف فَإِن الِاكْتِفَاء بِالْمَسْحِ فِيهِ مَعَ إِمْكَان الْغسْل مَا كَانَ إِلَّا للتَّخْفِيف وَعند الرُّجُوع إِلَى الْأُصُول يظْهر معنى التَّخْفِيف بترك التّكْرَار بعد الْإِكْمَال مَعَ مَا فِيهِ من دفع الضَّرَر الَّذِي يلْحقهُ بإفساد عمَامَته بِكَثْرَة مَا يُصِيب رَأسه من البلة
وعَلى هَذَا علل فِي اشْتِرَاط تعْيين النِّيَّة فِي الصَّوْم بِأَنَّهُ صَوْم فرض وَهُوَ بَين الْأَثر فَإِن اشْتِرَاط النِّيَّة لِمَعْنى التَّقَرُّب وَصفَة الْفَرْضِيَّة قربَة كالأصل
وَقُلْنَا نَحن صَوْم عين وتأثيره أَن اشْتِرَاط النِّيَّة فِي الْعِبَادَة فِي الأَصْل للتمييز بَين أَنْوَاعهَا بتعين نوع مِنْهَا وَهَذَا مُتَعَيّن شرعا فَلَا معنى لاشْتِرَاط النِّيَّة للتعيين وَمعنى الْقرْبَة يتم بِوُجُود أصل النِّيَّة فباعتبار قُوَّة الْأَثر من هَذَا الْوَجْه يظْهر التَّرْجِيح
وَمَا يخرج على هَذَا من الْمسَائِل لَا يُحْصى وَفِيمَا ذكرنَا كِفَايَة لمن يحسن التَّأَمُّل فِي نظائرها
وَأما الْوَجْه الثَّانِي وَهُوَ التَّرْجِيح بِقُوَّة ثبات الحكم الْمَشْهُود بِهِ فَلِأَن أصل ذَلِك إِنَّمَا يكون عَن نَص أَو إِجْمَاع وَمَا يكون ثُبُوته بِالنَّصِّ أَو الْإِجْمَاع يكون ثَابتا متأكدا فَمَا يظْهر فِيهِ زِيَادَة الْقُوَّة فِي الثَّبَات عِنْد الْعرض على الْأُصُول يكون راجحا بِاعْتِبَار مَا بِهِ صَار حجَّة
وَبَيَان ذَلِك فِي مَسْأَلَة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute