بِالْوَاجِبِ لَيْسَ من نَمَاء المَال وَإِنَّمَا الشَّرْط فِيهِ الْقُدْرَة الميسرة للْأَدَاء على وَجه ينَال الثَّوَاب بِالْأَدَاءِ فَيكون ذَلِك ساترا لما لحقه لارتكاب الْمَحْظُور وَفِي هَذَا يَسْتَوِي المَال النامي وَغير النامي وَيخرج على مَا بَينا أَنه إِذا هلك المَال بعد وجوب الْحَج بِأَن كَانَ مَالِكًا للزاد وَالرَّاحِلَة وَقت خُرُوج الْقَافِلَة من بلدته فَإِنَّهُ لَا يسْقط عَنهُ الْحَج لِأَن الشَّرْط هُنَاكَ أدنى التَّمَكُّن دون الْيُسْر فاليسر فِي سفر الْحَج يكون بالخدم والمراكب والأعوان وَذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْط وَأدنى التَّمَكُّن شَرط وجوب الْأَدَاء فَلَا يشْتَرط بَقَاؤُهُ لبَقَاء الْوَاجِب
وَكَذَلِكَ لَو هلك المَال بعد وجوب صَدَقَة الْفطر أَو هلك من وَجب عَلَيْهِ بعد وجوب الْأَدَاء فَإِنَّهُ لَا يسْقط الْوَاجِب لِأَن شَرط الْوُجُوب هُنَاكَ أدنى التَّمَكُّن وَصفَة الْغنى فِيمَن يجب عَلَيْهِ الْأَدَاء دون الْيُسْر وَلِهَذَا لَو ملك من مَال البذلة والمهنة فضلا على حَاجته مَا يُسَاوِي نِصَابا يجب عَلَيْهِ وَبِهَذَا النَّوْع من المَال يحصل أدنى التَّمَكُّن والغنى إِذا بلغ نِصَابا فَأَما صفة الْيُسْر فَهُوَ مُخْتَصّ بِالْمَالِ النامي ليَكُون الْأَدَاء من فضل المَال وَذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْط هُنَا فَعرفنَا أَن التَّمَكُّن والغنى شَرط وجوب الْأَدَاء بِاعْتِبَار أَنه غَنِي قَالَ عَلَيْهِ السَّلَام أغنوهم عَن الْمَسْأَلَة فِي مثل هَذَا الْيَوْم والإغناء إِنَّمَا يتَحَقَّق من الْغنى وَلم يتَغَيَّر صفة الْمُؤَدى بِهَذَا الشَّرْط فَلَا يشْتَرط بَقَاؤُهُ لبَقَاء الْوَاجِب وعَلى هَذَا الأَصْل قُلْنَا لَا تجب الزَّكَاة فِي مَال الْمَدْيُون بِقدر مَا عَلَيْهِ من الدّين لِأَن الْوُجُوب بِاعْتِبَار الْغنى واليسر وَذَلِكَ يَنْعَدِم بِالدّينِ والغنى إِنَّمَا يحصل بِفضل عَن حَاجته وَحَاجته إِلَى قَضَاء الدّين حَاجَة أَصْلِيَّة فَلَا يحصل الْغنى بِملك ذَلِك الْقدر من المَال وَلِهَذَا حل لَهُ أَخذ الصَّدَقَة وَهِي لَا تحل لَغَنِيّ وَإِنَّمَا تيَسّر الْأَدَاء إِذا كَانَ الْمُؤَدى فضل مَال غير مَشْغُول بحاجته
وَكَذَلِكَ لَا تجب صَدَقَة الْفطر على الْمَدْيُون إِذا لم يملك نِصَابا فضلا عَن دينه لِأَن الْغَنِيّ يملك المَال مُعْتَبر فِي إِيجَاب صَدَقَة الْفطر على مَا بَينا أَنه إغناء للمحتاج وبحاجته إِلَى قَضَاء الدّين تنعدم صفة الْغنى وَإِن كَانَ الدّين على العَبْد الَّذِي هُوَ عبد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute