لأَنا نقُول مَا تعنون بقولكم بِدُونِ رأيها رَأْي قَائِم فِي الْحَال أم رَأْي سيحدث أم أَيهمَا كَانَ فَإِن قَالُوا أَيهمَا كَانَ فَهُوَ بَاطِل من الْكَلَام لِأَن الثّيّب الْمَجْنُونَة تزوج فِي الْحَال ورأيها غير مأنوس عَنْهَا لتوهم الْإِفَاقَة فَلَا نجد بدا من أَن نقُول المُرَاد رَأْي قَائِم لَهَا وَهَذَا مَمْنُوع فِي الْفَرْع فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا رَأْي قَائِم فِي الْحَال فِي الْمَنْع وَلَا فِي الْإِطْلَاق فَإِن من لم يجوز تَزْوِيجهَا لم يفصل فِي ذَلِك بَين أَن يكون العقد برأيها (وَبِدُون رأيها) وَمن جوز العقد فَكَذَلِك لم يفصل فَعرفنَا أَنه لَيْسَ لَهَا رَأْي قَائِم وَمَا سيحدث من عِلّة أَو مَانع لَا يجوز أَن يكون مؤثرا فِي الحكم قبل حُدُوثه وَمن جوز حُدُوثه فِي الْمَنْع لَا فِي الْإِثْبَات إِذْ الحكم لَا يسْبق علته فيضطر عِنْد بَيَان الْمَنْع بِهَذِهِ الصّفة إِلَى الرُّجُوع إِلَى حرف الْمَسْأَلَة وَهُوَ أَن رَأْي الْوَلِيّ هَل يقوم مقَام رأيها لِانْعِدَامِ اعْتِبَار رأيها فِي الْحَال شرعا فِيمَا يرجع إِلَى النّظر لَهَا كَمَا فِي المَال وَالْبكْر والغلام أم لَا يقوم رَأْيه مقَام رأيها لما فِي ذَلِك من تَفْوِيت الرَّأْي عَلَيْهَا إِذا صَارَت من أهل الرَّأْي بِالْبُلُوغِ وبمثل هَذَا الْحَد يتَبَيَّن عوار من شرع فِي الْكَلَام بِنَاء على حسن الظَّن قبل أَن يتَمَيَّز لَهُ الصَّوَاب من الْخَطَأ بطرِيق الْفِقْه
وَبَيَان الممانعة فِي الحكم كَثِيرَة
مِنْهَا تَعْلِيلهم فِي تكْرَار الْمسْح بِأَنَّهُ ركن فِي الْوضُوء فَيسنّ تثليثه كَغسْل الْوَجْه لأَنا لَا نسلم هَذَا الحكم فِي الأَصْل فالمسنون هُنَاكَ عندنَا لَيْسَ التّكْرَار بل الْإِكْمَال بِالزِّيَادَةِ على قدر الْمَفْرُوض فِي مَحَله من جنسه كَمَا فِي أَرْكَان الصَّلَاة فَإِن إِكْمَال ركن الْقِرَاءَة بِالزِّيَادَةِ على الْقدر الْمَفْرُوض فِي مَحَله من جنسه وَهُوَ تِلَاوَة الْقُرْآن
وَكَذَلِكَ الرُّكُوع وَالسُّجُود إِلَّا أَن فِي الْغسْل لما كَانَ الِاسْتِيعَاب فرضا لَا يتَحَقَّق فِيهِ الْإِكْمَال بِهَذِهِ الصّفة إِلَّا بالتكرار فَكَانَ التّكْرَار مسنونا لغيره وَهُوَ تَحْصِيل صفة الْإِكْمَال بِهِ لَا لعَينه وَفِي الْمَمْسُوح الِاسْتِيعَاب لَيْسَ بِرُكْن فَيَقَع الِاسْتِغْنَاء عَن التّكْرَار فِي إِقَامَة سنة الْكَمَال بل بِالزِّيَادَةِ على الْقدر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute