للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّوْم فِي السّنة فِي شهر وَاحِد وَأكْثر الْحيض فِي ذَلِك الشَّهْر عشرَة فإيجاب قَضَاء عشرَة أَيَّام فِي أحد عشر شهرا لَا يكون فِيهِ كثير حرج وَلَا يُؤَدِّي إِلَى تضَاعف الْوَاجِب فِي وقته

وَكَذَلِكَ إِذا لَزِمَهَا صَوْم شَهْرَيْن فِي كَفَّارَة الْقَتْل فأفطرت بِعُذْر الْحيض لم يلْزمهَا الِاسْتِقْبَال بِخِلَاف مَا إِذا لَزِمَهَا صَوْم عشرَة أَيَّام متتابعة بِالنذرِ فأفطرت بِعُذْر الْحيض فِي خلالها يلْزمهَا الِاسْتِقْبَال لِأَنَّهَا قَلما تَجِد شَهْرَيْن خاليين عَن الْحيض عَادَة فَفِي التَّحَرُّز عَن الْفطر بِعُذْر الْحيض فِي شَهْرَيْن معنى الْحَرج وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك فِي عشرَة أَيَّام وَلِهَذَا أسقطنا قَضَاء الْعِبَادَات عَن الصَّبِي بعد الْبلُوغ لِأَن الصَّبِي لَا يكون إِلَّا متطاولا عَادَة فَيتَحَقَّق معنى الْحَرج فِي إِيجَاب الْقَضَاء

وَلم يسْقط الْقَضَاء عَن النَّائِم لِأَنَّهُ لَا يكون متطاولا عَادَة فَلَا يلْحقهُ الْحَرج فِي إِيجَاب الْقَضَاء بعد الانتباه وألحقنا الْإِغْمَاء بالجنون فِي حكم الصَّلَاة لِأَن ذَلِك يُوجد عَادَة فِي مِقْدَار مَا يتَكَرَّر بِهِ الْفَائِت من الصَّلَاة وألحقناه بِالنَّوْمِ فِي حكم الصَّوْم لِأَنَّهُ لَا يَتَطَاوَل عَادَة بِقدر مَا يثبت بِهِ حكم تطاول الْجُنُون فِي حكم الصَّوْم وَهُوَ أَن يستوعب الشَّهْر كُله

وَمن ذَلِك قَوْلهم فِي النُّقُود إِنَّهَا تتَعَيَّن فِي عُقُود الْمُعَاوَضَات لِأَنَّهَا تتَعَيَّن فِي التَّبَرُّعَات كَالْهِبَةِ وَالصَّدَََقَة فتتعين فِي الْمُعَاوَضَات بِمَنْزِلَة الْحِنْطَة وَسَائِر السّلع لأَنا نقُول هَذَا التَّعْلِيل فَاسد وضعا فَإِن التَّبَرُّعَات مَشْرُوعَة فِي الأَصْل للإيثار بِالْعينِ لَا لإِيجَاب شَيْء مِنْهَا فِي الذِّمَّة والمعاوضات لإِيجَاب الْبَدَل بهَا فِي الذِّمَّة ابْتِدَاء أَلا ترى أَن البيع فِي الْعرف الظَّاهِر إِنَّمَا يكون بِثمن يجب فِي الذِّمَّة ابْتِدَاء وَالنِّكَاح يكون بِصَدَاق يجب فِي الذِّمَّة ابْتِدَاء فَكَانَ اعْتِبَار مَا هُوَ مَشْرُوع للإلزام فِي الذِّمَّة ابْتِدَاء إِنَّمَا هُوَ مَشْرُوع لنقل الْملك وَالْيَد فِي الْعين من شخص إِلَى شخص فِي حكم التَّعْيِين فَاسِدا وضعا أَلا ترى أَن البيع لما كَانَ لنقل الْملك وَالْيَد فِي عين الْمَعْقُود عَلَيْهِ لم يجز أَن يكون مُوجبا الْمَبِيع فِي الذِّمَّة ابْتِدَاء لَا رخصَة بِسَبَب الْحَاجة إِلَيْهِ فِي السّلم وَذَلِكَ حكم ثَابت بِخِلَاف الْقيَاس

<<  <  ج: ص:  >  >>