لَا يَتَيَسَّر فِي سَائِر أَجزَاء الْبدن وَسبب الْحَدث تعم بِهِ الْبلوى ويعتاد تكراره فِي كل وَقت وَبَقِي حكم تَطْهِير جَمِيع الْبدن بِالْغسْلِ فِي الْجَنَابَة وَالْحيض وَالنّفاس على أصل الْقيَاس فَظهر أَن مَا لَا يعقل فِيهِ الْمَعْنى بل هُوَ ثَابت شرعا إِقَامَة الْمحَال الْمَخْصُوصَة مقَام جَمِيع الْبدن لَا فعل هُوَ اسْتِعْمَال المَاء فِي حُصُول الطَّهَارَة بِهِ وكلامنا فِي اشْتِرَاط النِّيَّة فِي الْفِعْل الَّذِي يحصل بِهِ الطَّهَارَة دون الْمحل وَفِي هَذِه الطَّهَارَة من الْحَدث والجنابة بِمَنْزِلَة غسل النَّجَاسَة
وَكَذَلِكَ الْمسْح بِالرَّأْسِ فَإِنَّهُ قَائِم مقَام فعل الْغسْل الَّذِي هُوَ تَطْهِير فِي ذَلِك الْعُضْو بِمَعْنى التَّيْسِير بِخِلَاف التَّيَمُّم فَإِنَّهُ فِي الأَصْل تلويث وتغبير وَهُوَ ضد التَّطْهِير وَلِهَذَا لَا يرْتَفع بِهِ الْحَدث فَعرفنَا أَنه جعل طَهَارَة لضَرُورَة الْحَاجة إِلَى أَدَاء الصَّلَاة فَإِنَّمَا يكون طَهَارَة بِشَرْط إِرَادَة الصَّلَاة وَهَذَا الشَّرْط لَا يتَحَقَّق إِلَّا بِالنِّيَّةِ وَمَا يَقُول إِن فِي الْوضُوء والاغتسال معنى الْعِبَادَة فَشرط الْعِبَادَة النِّيَّة فَهُوَ مُسلم عندنَا وَمَتى لم تُوجد النِّيَّة لَا يكون وضوءه عبَادَة وَلَكِن الطَّهَارَة الَّتِي هِيَ شَرط صِحَة أَدَاء الصَّلَاة مَا يكون مزيلا للْحَدَث لَا مَا يكون عبَادَة وَاسْتِعْمَال المَاء فِي مَحل الطَّهَارَة بِدُونِ النِّيَّة مزيل للْحَدَث فَبِهَذَا التَّقْرِير تبين أَن الْوضُوء نَوْعَانِ نوع هُوَ عبَادَة وَهُوَ لَا يحصل بِدُونِ النِّيَّة وَنَوع هُوَ مزيل للْحَدَث وَهُوَ حَاصِل بِغَيْر النِّيَّة بِمَنْزِلَة الْغسْل الَّذِي هُوَ مزيل للنَّجَاسَة وَهُوَ مُثبت شَرط جَوَاز الصَّلَاة
وَمن ذَلِك قَوْلهم الطَّلَاق لَيْسَ بِمَال فَلَا يثبت بِشَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال كالحدود
فَإِن مُطلق هَذِه الْعبارَة تنْتَقض بالبكارة وَالرّضَاع فَلَا بُد من الرُّجُوع إِلَى التَّأْثِير وَهُوَ أَن شَهَادَة النِّسَاء مَعَ الرِّجَال لَيْسَ بِحجَّة أَصْلِيَّة وَلكنهَا حجَّة ضَرُورَة يجوز الْعَمَل بهَا شرعا فِيمَا تكْثر بِهِ الْبلوى والمعاملة فِيهِ بَين النَّاس فِي كل وَقت وَذَلِكَ الْأَمْوَال وَمَا يتبع الْأَمْوَال فَفِيمَا لَا يكثر فِيهِ الْبلوى لَا تجْعَل فِيهِ شَهَادَة النِّسَاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute