للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِهَذَا أَوجَبْنَا الْكَفَّارَة على المخطىء وَالْمكْره والبار فِي الْيَمين والحنث جَمِيعًا بِأَن حلف لَا يكلم هَذَا الْكَافِر فَيسلم ثمَّ يكلمهُ وَلِهَذَا لم نوجب شَيْئا من هَذِه الْكَفَّارَات على الْكَافِر

فَأَما كَفَّارَة الْفطر فِي رَمَضَان فَمَعْنَى الْعقُوبَة فِيهَا مُرَجّح على معنى الْعِبَادَة حَتَّى إِن وُجُوبهَا يَسْتَدْعِي جِنَايَة متكاملة عرفنَا ذَلِك بِخَبَر الْأَعرَابِي حَيْثُ قَالَ هَلَكت وأهلكت

وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام من أفطر فِي رَمَضَان مُتَعَمدا فَعَلَيهِ مَا على الْمظَاهر فاتفق الْعلمَاء على أَنه يسْقط بِعُذْر الْخَطَأ والاشتباه فَلَمَّا ظهر رُجْحَان معنى الْعقُوبَة فِيهَا من هَذَا الْوَجْه جعلنَا وُجُوبهَا بطرِيق الْعقُوبَة فَقُلْنَا إِنَّهَا تندرىء بِالشُّبُهَاتِ حَتَّى لَا تجب على من أفطر بعد مَا أبْصر هِلَال رَمَضَان وَحده للشُّبْهَة الثَّابِتَة بِظَاهِر قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام صومكم يَوْم تصومون أَو بِصُورَة قَضَاء القَاضِي يكون (الْيَوْم) من شعْبَان وَلم يُوجب على الْمُفطر فِي يَوْم إِذا اعْترض مرض أَو حيض فِي ذَلِك الْيَوْم لتمكن الشُّبْهَة وَلم يُوجب على من أفطر وَهُوَ مُسَافر وَإِن كَانَ الْأَدَاء مُسْتَحقّا عَلَيْهِ فِي ذَلِك الْوَقْت بِعَيْنِه بِكَوْنِهِ مُقيما فِي أول النَّهَار وَلم يُوجب على من نوى قبل انتصاف النَّهَار ثمَّ أفطر للشُّبْهَة الثَّابِتَة بِظَاهِر قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام لَا صِيَام لمن لم يعزم الصّيام من اللَّيْل وَقُلْنَا بالتداخل فِي الْكَفَّارَات والاكتفاء بكفارة وَاحِدَة إِذا أفطر فِي أَيَّام من رَمَضَان لِأَن التَّدَاخُل من بَاب الْإِسْقَاط بطرِيق الشُّبْهَة وأثبتنا معنى الْعِبَادَة فِي الِاسْتِيفَاء لِأَنَّهَا سميت كَفَّارَة فَإِنَّهُ يجوز أَن يكون الْوُجُوب بطرِيق الْعقُوبَة والاستيفاء بطرِيق الطهرة كالحدود بعد التَّوْبَة وَلَا يجوز أَن يكون الْوُجُوب بطرِيق الْعِبَادَة والاستيفاء بطرِيق الْعقُوبَة بِحَال

وَمَا يجْتَمع فِيهِ الحقان وَحقّ الله فِيهِ أغلب فنحو حد الْقَذْف عندنَا

فَأَما حد قطاع الطَّرِيق فَهُوَ خَالص لله تَعَالَى بِمَنْزِلَة الْعُقُوبَات الْمَحْضَة وَلِهَذَا لَا نوجب على الْمُسْتَأْمن إِذا ارْتكب سَيِّئَة فِي دَارنَا بِمَنْزِلَة حد الزِّنَا وَالسَّرِقَة بِخِلَاف حد الْقَذْف وَأما مَا يجْتَمع فِيهِ الحقان وَحقّ الْعباد أغلب فنحو الْقصاص فَإِن فِيهَا حق الله تَعَالَى وَلِهَذَا يسْقط بِالشُّبُهَاتِ وَهِي جَزَاء الْفِعْل فِي الأَصْل وأجزية الْأَفْعَال تجب لحق الله تَعَالَى وَلَكِن لما كَانَ وُجُوبهَا بطرِيق الْمُمَاثلَة عرفنَا أَن معنى حق العَبْد رَاجِح فِيهَا وَأَن وُجُوبهَا للجيران بِحَسب الْإِمْكَان كَمَا وَقعت الْإِشَارَة إِلَيْهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلكم فِي الْقصاص حَيَاة} وَلِهَذَا جرى فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>