للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَي علاماتها اللَّازِمَة لكَون السَّاعَة آتِيَة لَا محَالة وَمِنْه الشرطي لِأَنَّهُ نصب نَفسه على زِيّ وهيئة لَا يُفَارِقهُ ذَلِك فِي أغلب أَحْوَاله فَكَأَنَّهُ لَازم لَهُ وَمِنْه شَرط الْحجام لِأَنَّهُ يحصل بِفِعْلِهِ فِي مَوضِع المحاجم عَلامَة لَازِمَة وَمِنْه الشُّرُوط فِي الوثائق لِأَنَّهَا تكون لَازِمَة فَعرفنَا أَن الشَّرْط فِي اللُّغَة الْعَلامَة اللَّازِمَة وَمِنْه سمى أهل اللُّغَة حرف إِن حرف الشَّرْط من قَول الْقَائِل لغيره إِن أكرمتني أكرمتك فَإِن قَوْله أكرمتك بِصِيغَة الْفِعْل الْمَاضِي وَلَكِن بقوله إِن أكرمتني يصير إكرام الْمُخَاطب عَلامَة لَازِمَة لإكرام الْمُخَاطب إِيَّاه فَكَانَ شرطا من هَذَا الْوَجْه

وَفِي أَحْكَام الشَّرْع (الشَّرْط) اسْم لما يُضَاف الحكم إِلَيْهِ وجودا عِنْده لَا وجوبا بِهِ فَإِن قَول الْقَائِل لامْرَأَته إِن دخلت الدَّار فَأَنت طَالِق يَجْعَل دُخُول الدَّار شرطا حَتَّى لَا يَقع الطَّلَاق بِهَذَا اللَّفْظ إِلَّا عِنْد الدُّخُول وَيصير الطَّلَاق عِنْد وجود الدُّخُول مُضَافا إِلَى الدُّخُول مَوْجُودا عِنْده لَا وَاجِبا بِهِ بل الْوُقُوع بقوله أَنْت طَالِق عِنْد الدُّخُول وَمن حَيْثُ إِنَّه لَا أثر للدخول فِي الطَّلَاق من حَيْثُ الثُّبُوت بِهِ وَلَا من حَيْثُ الْوُصُول إِلَيْهِ لم يكن الدُّخُول سَببا وَلَا عِلّة وَمن حَيْثُ إِنَّه مُضَاف إِلَيْهِ وجودا عِنْده كَانَ الدُّخُول شرطا فِيهِ وَلِهَذَا لَا نوجب الضَّمَان على شُهُود الشَّرْط بِحَال وَإِنَّمَا نوجب الضَّمَان على شُهُود التَّعْلِيق بعد وجود الشَّرْط إِذا رجعُوا

وَقد يُقَام الشَّرْط مقَام السَّبَب فِي حكم الضَّمَان عِنْد تعذر إِضَافَة الْإِتْلَاف إِلَى السَّبَب نَحْو حافر الْبِئْر على الطَّرِيق يكون ضَامِنا لما يسْقط فِيهِ وَهُوَ صَاحب الشَّرْط من حَيْثُ إِنَّه أَزَال بِفِعْلِهِ المسكة عَن الأَرْض وَهُوَ مَحل يسْتَقرّ فِيهِ الثقيل والمحال فِي حكم الشُّرُوط وَلَكِن لما تعذر إِضَافَة الْإِتْلَاف إِلَى مَا هُوَ السَّبَب حَقِيقَة وَهُوَ ثقل الْمَاشِي ومشبه جعل مُضَافا إِلَى الشَّرْط فِي حكم الضَّمَان حَتَّى لَو دفع الْوَاقِع فِي الْبِئْر إِنْسَان فَإِن الضَّمَان يكون على الدَّافِع دون الْحَافِر لِأَن السَّبَب هُنَا صَالح لإضافة الْإِتْلَاف إِلَيْهِ

وسنقرر هَذَا فِي فصل الشَّرْط إِن شَاءَ الله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>